قال ابن عباس : كان كلباً أغرَّ، واسمه قطميرٌ، وعن عليِّ : اسمه " ريَّان ".
وقال الأوزاعي : يشور قال السدي : يور.
وقال كعبٌ : صهباً.
وقال مقاتل : كان كلباً أصفر.
وقال الكلبيُّ : لونه كالحليج، وقيل غير ذلك.
قال خالد بن معدان : ليس في الجنَّة من الدوابِّ إلاَّ كلب أصحاب الكهف، وحمار بلعام.
قال ابن عباس وأكثر المفسرين : هربوا من ملكهم فمرُّوا براعٍ، معه كلبٌ، فتبعهم على دينهم، ومعه كلبه.
وقال الكلبيُّ : مرُّوا بكلبٍ فنبح عليهم، فطردوه، فعاد، ففعلوا ذلك مراراً، فقال لهم الكلب : لا تخشوا جانبي ؛ فإنِّي أحبُّ أحبَّاء الله، فناموا ؛ حتَّى أحرسكم.
فصل قال عبيد بن عميرٍ : كان ذلك كلب صيدهم، ومعنى ﴿بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ﴾، أي : ألقاها على الأرض مبسوطتين، غي رمقبوضتين.
ومنه قوله ﷺ :" اعتدلوا في السُّجودِ، ولا يَبْسُط أحدكم ذِرَاعيْهِ انْبسَاطَ الكلْبِ ".
قال المفسرون : كان الكلب بسط ذراعيه، وجعل وجهه عليهما.
قوله :﴿لَوِ اطَّلَعْتَ﴾ العامَّة على كسر الواو من " لَو اطَّلعْتَ " على أصل التقاء الساكنين، وقرأها مضمومة أبو جعفرٍ، وشيبة، ونافع، وابن وثَّاب، والأعمش ؛ تشبيهاً بواوِ الضمير، وتقدَّم تحقيقه.
قوله :﴿لَوْلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَاراً﴾ لما ألبسهم الله من الهيبة ؛ حتَّى لا يصل إليهم أحدٌ ؛ حتى يبلغ الكتاب أجله، فيوقظهم الله من رقدتهم.
" فِرَاراً " يجوز أن يكون منصوباً على المصدر من معنى الفعل قبله ؛ لأنَّ التولِّي
٤٤٦
والفرارَ من وادٍ واحدٍ، ويجوز أن يكون مصدراً في موضع الحالِ، أي : فارًّا، ويكون حالاً مؤكدة، ويجوز أن يكون مفعولاً له.
قوله :﴿وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً﴾ قرأ ابن كثير، ونافع " لمُلِّئْتَ " بالتشديد على التكثير.
وأبو جعفرٍ، وشيبة كذلك، إلا أنه بإبدال الهمزة ياء، والزهري بتخفيف اللام والإبدال، وهو إبدال قياسي والباقون بتخفيف اللام، و " رُعباً " مفعول ثانٍ : وقيل : تمييزٌ.
قال الأخفش : الخفيفة أجود في كلام العربِ.
يقولون : ملأتنِي رعباً، ولا يكادون يعرفون ملأتنِي ؛ ويدل على هذا أكثر استعمالهم ؛ كقوله :[الوافر] ٣٥٠١ - فَتَمْلأ بَيْتنَا أقِطاً وسَمْنَا
................
جزء : ١٢ رقم الصفحة : ٤٤٣
وقول الآخر :[الطويل] ٣٥٠٢أ - ومن مالِئٍ عَيْنَيْهِ مِنْ شيءِ غَيْرِهِ
إذَا رَاحَ نحو الجمْرَةِ البِيضُ كالدُّمَى
وقال الآخر :[الرجز] ٣٥٠٢ب - لا تَمْلأ الدَّلءو وعَرِّقْ فيها وقال الاخر :[الرجز]
٣٥٠٣ - امْتَلأ الحَوضُ وقَالَ قَطْنِي
وقد جاء التثقيل أيضاً، أنشدوا للمخبَّل السعديِّ :[الطويل] ٣٥٠٤ - وإذْ قتل النُّعْمانُ بالنَّاسِ مُحرِمَا
................
٤٤٧
وقرأ ابن عامر والكسائي " رُعباً " بضمِّ العين في جميع القرآن، والباقون بالإسكان.
فصل في سبب الرعب اختلفوا في ذلك الرُّعب كان لماذا ؟ فقيل : من وحشة المكان، وقال الكلبي : لأنَّ أعينهم مفتَّحة، كالمستيقظ الذي يريد أن يتكلَّم، وهم نيامٌ.
وقيل : لكثرة شعورهم، وطول أظفارهم، وتقلُّبهم من غير حسٍّ، كالمستيقظ.
وقيل : إنَّ الله تعالى، منعهم بالرُّعب ؛ لئلاَّ يراهم أحدٌ.
ورُوِيَ عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبَّاس، قال : غزونا مع مُعاويةَ نحو الرُّوم، فمَررْنَا بالكَهْفِ الذي فِيهِ أصْحابُ الكهفِ، فقال مُعاوِيةُ : لو كُشِفَ لنَا عنْ هؤلاءِ، لنَظَرْنَا إليْهِمْ، فقَال ابْنُ عبَّاسٍ : قَدْ مَنَعَ الله ذلِكَ مَنْ هُو خَيْرٌ مِنْكَ :﴿لو اطَّلعْتَ عَليْهِم لولَّيتَ مِنهُم فراراً﴾، فبعث معاوية ناساً، فقال : اذهبوا، فانظروا، فلمَّا دخلوا الكهف، بعث الله عليهم ريحاً، أخرجتهم.
جزء : ١٢ رقم الصفحة : ٤٤٣
قوله :﴿وَكَذالِكَ بَعَثْنَاهُمْ﴾ : الكاف نعت لمصدر محذوف، أي : كما أنمناهم تلك النَّومةَ، كذلك بعثناهم ؛ ادِّكاراً بقدرته، والإشارة بـ " ذلِكَ " إلى المصدر المفهوم من قوله " فَضرَبْنَا "، أي : مثل جعلنا إنامتهم هذه المدة المتطاولة آية، جعلنا بعثهم آية، قاله الزجاج والزمخشريُّ.
قوله :﴿لِيَتَسَآءَلُوا بَيْنَهُمْ﴾ متعلقة بالبعث، وقيل : هي للصَّيرورة ؛ لأن البعث لم يكن للتساؤل، قاله ابن عطيَّة، والصحيح أنَّها على بابها من السببية.
قوله :﴿كَم لَبِثْتُمْ﴾ " كم " منصوبة على الظرف، والمميز محذوف، تقديره : كم يوماً ؛ لدلالةِ الجواب عليه، و " أوْ " في قوله :﴿أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ﴾ للشكِّ منه، وقيل : للتفصيل، أي : قال بعضهم كذا، وبعضهم كذا.
٤٤٨