وقيل : من الأجاجِ، وهو الماءُ المالح الزُّعاقُ.
وقال الخليلُ : الأجُّ : حبٌّ ؛ كالعدس، والمجُّ : مجُّ الرِّيق، فيحتمل أن يكونا مأخوذين منهما، ووزنهما يفعولُ، ومفعول، وهذا ظاهر على قراءة عاصم، وأمَّا قراءة الباقين، فيحتمل أن تكون الألف بدلاً من الهمزة الساكنة، إلا أنَّ فيه أنَّ من هؤلاء من ليس أصله قلب الهمزة الساكنة، وهم الأكثر، ولا ضير في ذلك، ويحتمل أن تكون ألفهما زائدتين، ووزنهما " فَاعُول " من يجَّ، ومجَّ.
ويحتمل أن يكون ماجوج من " مَاجَ، يَمُوجُ " أي : اضطرب، ومنه الموجُ، فوزنه مفعول، وأصله : مَوجُوج، قاله أبو حاتم، وفيه نظر ؛ من حيث ادِّعاءُ قلب حرف العلة، وهو ساكنٌ، وشذوذه كشذوذ " طائي " في النَّسب إلى طيِّئ.
وعلى القول بكونهما عربيَّين مشتقَّين، فمنع صرفهما ؛ للعلميَّة والتأنيث ؛ بمعنى القبيلة ؛ كما تقدَّم في سورة هود، ومثل هذا الخلاف والتعليل جارٍ في سورة الأنبياء [الآية : ٩٣] - عليهم السلام - والهمزة في يأجوج ومأجوج لغة بني أسدٍ، وقرأ رؤبة وأبوه العجاج " آجُوج ".

فصل في اصل يأجوج ومأجوج اختلفوا في أنَّهم من أيِّ الأقوام، فقال الضحاك : هم جيلٌ من التُّرك.


وقال السديُّ : التُّرك : سريَّة من يأجُوج ومأجوج، خرجت، فضرب ذو القرنين السدَّ، فبقيت خارجة، فجميع الترك منهم.
وعن قتادة : أنَّهم اثنان وعشرون قبيلة، بنى ذو القرنين السدَّ على إحدى وعشرين قبيلة، وبقيت قبيلة واحدة، وهم التُّركُ، سمُّوا بذلك ؛ لأنَّهم [تركوا] خارجين.
٥٦٣

فصل في أجناس البشر قال أهل التَّاريخ : أولاد نوحٍ ثلاثة : سام، وحام، ويافث.


فسام أبو العرب، والعجم، والرُّوم.
وحام : أبو الحبشة، والزَّنج، والنُّوبة.
ويافث : أبو التُّرك، والخزر، والصقالبة، ويأجوج ومأجوج.
واختلفوا في صفاتهم : فمن النَّاس من وصفهم بقصر القامة، وصغر الجثَّة بكون طول أحدهم شبراً، ومنهم من يصفهم بطُول القامة، وكبر الجثَّة، فقيل : طول أحدهم مائةُ وعشرون ذراعاً، ومنهم من طوله وعرضه كذلك، وأثبتوا لهم مخالب في الأظفار وأضراساً كأضراسِ السِّباع، ومنهم من يفترش إحدى أذنيه، ويلتحفُ بالأخرى.

فصل في إفسادهم واختلفوا في كيفية إفسادهم : فقيل : كانوا يقتلون الناس.


وقيل : كانوا يأكلوه لحوم النَّاس، وقيل : كانوا يخرجون أيَّام الربيع ولا يتركون لهم شيئاً أخضر.
وبالجملة : فلفظ الفساد يحتمل هذه الأقسام.
ثمَّ إنَّه تعالى حكى عن أهل ما بين السَّديْن أنَّهم قالوا لذي القرنين :﴿فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً﴾ الآية.
قوله :" خَرْجاً " قرأ ابن عامر " خَرْجاً " هنا وفي المؤمنين [الآية : ٧٢] بسكون الراء، والأخوان " خَرَاجاً " " فَخَراج " في السورتين بالألف، والباقون كقراءة ابن عامر في هذه السورة، والأول في المؤمنين، وفي الثاني، وهو " فَخرَاج " كقراءة الأخوين، فقيل : هما بمعنى واحد كالقول والقوال، والنّوْل والنَّوال، وقيل :" الخَراجُ " بالألف ما ضرب على الأرض من الإتاوةِ كلَّ عامٍ، وبغير الألف بمعنى الجعل، أي : نُعطيكَ من أموالنا مرَّة واحدة ما تستعينُ به على ذلك، وقال أبو عمر : الخرج : ما تبرَّعت به، والخراج ما لزمك أداؤهُ.
٥٦٤


الصفحة التالية
Icon