وأمَّا " إلى " فحرفٌ بلا خلافٍ، فلا يمكنُ فيها أن تكون اسماً ؛ كـ " عَنْ " و " عَلَى " ثم أجاب : بأنَّ " إليكِ " في الآيتين لا تتعلقُ بالفعل قبله، إنما تتعلَّقُ بمحذوفٍ على جهةِ البيان، تقديره :" أعني إليك " قال :" كما تأولوا ذلك في قوله :﴿إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ﴾ [الأعراف : ٢١] في أحد الأوجه ".
قال شهاب الدين - رضي الله تعالى عنه - : وفيه ذلك جوابان آخران : أحدهما : أن الفعل الممنوع إلى الضمير المتصل، إنما هو من حيث يكون الفعلُ واقعاً بذلك الضمير، والضمير محلٌّ له ؛ نحو :" دَعْ عنْكَ " و " هوِّنْ عليْكَ " وأمَّا الهزُّ والضمُّ، فليسا واقعين بالكاف، فلا محذور.
والثاني : أنَّ الكلام على حذف مضافٍ، تقديره : هُزِّي إلى جهتك ونحوك واضمم إلى جهتك ونحوك.
فصل في المراد بجذع النخلة قال [القفال] : الجِذْعُ من النَّخلة : هو الأسفل، وما دُون الرَّأس الذيىعليه الثَّمرة.
وقال قطربٌ : كُلُّ خشبة في أصل شجرة، فهي جذعٌ.
قوله :" تُسَاقِطْ " قرأ حمزةُ " تَسَاقَطْ " بفتح التاء، وتخفيف السين، وفتح القاف، والباقون - غير حفص - كذلك إلا أنَّهم شدَّدُوا السِّين، وحفصٌ، بضم التاء، وتخفيف السين، وكسر القاف.
فأصلُ قراءةِ غير حفص " تتساقطْ " بتاءين، مضارع " تَساقَطَ " فحذف حمزة إحدى التاءين تخفيفاً ؛ نحو :﴿تَنَزَّلُ﴾ [القدر : ٤] و ﴿تَذَكَّرُونَ﴾ [الأنعام : ١٥٢]، والباقون أدغمُوا في السِّين، وقراءة حفص مضارعُ " سَاقَطَ ".
٤٧
وقرأ الأعمش، والبراء [بنُ عازبٍ] " يَسَّاقَطْ " كالجماعة، إلا أنه بالياء من تحتُ، أدغم التاء في السِّين ؛ إذ الأصلُ :" يتساقَط " فهو مضارعُ " اسَّاقَطَ " وأصله " يَتَساقَطُ " فأدغمَ، واجتلبتْ همزة الوصل ؛ كـ " ادَّارَأ " في " تَدَارَأ ".
ونْقل عن أبي حيوة ثلاثُ قراءاتٍ : وافقهُ مسروقٌ في الأولى، وهي " تُسْقِطْ " بضم التاء، وسكون السين، وكسر القاف من " أسْقَطَ ".
والثانية : كذلك إلا أنه بالياء من تحتُ.
الثالثةُ كذلك إلاّض أنه رفع " رُطَباً جَنِيًّا " بالفاعلية.
وقُرِئَ " تَتَسَاقَط " بتاءين من فوقُ، وهو أصل قراءة الجماعة، وتَسْقُط ويَسْقُط، بفتح التاء والياء، وسكون السين، وضمِّ القاف، فرفعُ الرطب بالفاعلية، وتعطي من الأفعال ما يوافقه في القراءات المتقدمة، ومن قرأ بالتاء من فوق، فالفعل مسندٌ : إمَّا للنَّخلة، وإمَّا للثمرةِ المفهومة من السياق، وإمَّا للجذْعِ، وجاز تأنيثُ فعله ؛ لإضافته إلى مؤنَّث ؛ فهو كقوله :[الطويل] ٣٥٩٦ -........................
كَمَا شَرقَتْ صَدْرُ القناةِ مِن الدَّمِ
جزء : ١٣ رقم الصفحة : ٣٠
وكقراءة ﴿يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ﴾ [يوسف : ١٠] ومن قرأ بالياء من تحت، فالضميرُ للجذْعِ، وقيل : للثَّمر المدلول عليه بالسيِّاق.
وأمَّا نصب " رُطَباً " فلا يخرجُ عن كونه تمييزاً، أو حالاً موطِّئة، إن كان الفعل قبله لازماً، أو مفعولاً به، إن كان الفعل متعدِّياً، [والذَّكِيُّ] يردُّ كلَّ شيءٍ إلى ما يليقُ به من القراءات، وجوَّز المبرِّد في نصبه وجهاً غريباً : وهو أن يكون مفعولاً به بـ " هُزِّي " وعلى هذا، فتكون المسألةُ من باب التنازع في بعض القراءات : وهي أن يكون الفعل فيها متعدِّياً، وتكون المسألةُ من إعمال الثاني، للحذف من الأوَّل.
وقرأ طلحة بن سليمان " جنيًّا " بكسرِ الجيم إتباعاً لكسرةِ النون.
والرُّطبُ : اسم جنسٍ برطبة ؛ بخلاف " تُخَم " فإنَّه جمعٌ لتخمة، والفرقُ : أنهم لزمُوا تذكيرهُ، فقالوا : هو الرطبُ، وتأنيث ذاك، فقالوا : هي التُّخَمُ، فذكَّرُوا " الرُّطَب " باعتبار الجنس، وأنَّثُوا " التُّخَمَ " باعتبار الجمعيَّة، وهو فرقٌ لطيفٌ، ويجمعُ على " أرطابٍِ " شذوذاً كربع وأرباع، والرُّطب : ما قطع قبل يبسه وجفافه، وخصَّ الرُّطب بالرُّطبِ من التَّمر، وأرطبَ النَّخْلُ ؛ نحو : أتْمَرَ وأجْنَى.
٤٨


الصفحة التالية
Icon