يكتفى بها وبالمرفوع بعدها كلاماً نحو خرجت فإذا الأسد.
قوله :" يُخَيَّل إلَيْهِ " قرأ العامة " يُخَيَّل " بضم الياء الأولى وفتح الثانية مبنيًّا للمفعول، و " أنَّهَا تَسْعَى " مرفىع بالفعل قبله لقيامه مقام الفاعل تقديره : يُخَيَّل إليه سعيُهَا.
وجوز أبو البقاء فيه وجهين : أحدهما :(أن يكون القائم مقام الفاعل ضمير الجِبضاِ والعِصِيّ وإنما ذكَّر ولم يقل " تُخَيَّلُ " بالتاء من فوق، لأن تأنيث الحبال غير حقيقي.
الثاني : أن القائم مقام الفاعل ضمير يعود على الملقي، فلذلك ذكر.
وعلى الوجهين : ففي قوله :" أنَّهَا تَسْعَى " وجهان أحدهما) : أنه بدل اشتمال من ذلك الضمير المستتر أيضاً، والمعنى : يُخَيَّل إليه هي أنها ذات سعي.
ولا حاجة إلى هذا، وأيضاً فقد نصوا على أن المصدر المؤول لا يقع موقع الحال، لو قلت : جاء زيد أن رَكَض، تريد ركضاً بمعنى ذا ركض لم يجز.
وقرأ ابن ذكوان :" تُخَيَّلُ " بالتاء من فوق، وفيه ثلاثة أوجه : أحدها : أن الفعل مسند لضمير الجِبَال والعِصِيّ، أي : تُخَيَّل الحبال (والعصي، و) " أنَّهَا تَسْعَى " بدل اشتمال من ذلك الضمير.
٣١١
الثاني : كذلك إلا " أنَّهَا تَسْعَى " حال، أي : ذات سَعْي كما تقدم تقريره قبل ذلك.
الثالث : أن الفعل مسند لقوله :" أنَّهَا تَسْعَى " كقراءة العامة في أحد الأوجه وإنما أنَّثَ الفعل لاكتساب المرفوع التأنيث بالإضافة، إذ التقدير : تُخَيَّلُ إلَيْهِ سَعْيُهَا، فهو كقوله :
٣٦٧٤ - شَرِقَتْ صَدْرُ القَنَاةِ مِنَ الدَّمِ
( "
جزء : ١٣ رقم الصفحة : ٣٠٦
فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا " ).
وقرأ أبو السمال :" تَخَيَّلُ " بفتح التاء والياء مبنياً للفاعل، والأصل : تَتَخَيَّلُ، فحذف إحدى التاءين نحو " تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ "، و " أَنَّهَا تَسْعَى " بدل اشتمال أيضاً من ذلك الضمير.
وجوَّز ابن عطية أيضاً أنه مفعول من أجله.
ونقل ابن جبارة الهذلي : قراءة أبي السمال :" تُخَيِّل " بضم التاء من فوق وكسر الياء، فالفعل مسند لضمير الحبال، و " أنَّهَا تَسْعَى " مفعول، أي : تُخَيَّل الحبال سعيها.
٣١٢
ونسب ابن عطية هذه القراءة للحسن وعيسى الثقفي.
وقرأ أبو حيوة :" نُخَيِّل " بنون العظمة، و " أنَّهَا تَسْعَى " مفعول به أيضاً على هذه القراءة.
وقرأ الحسن والثقفي " عُصيِّهم " بضم العين حيث وقع، وهو الأصل، وإنما كسرت العين إتباعاً (للصاد، وكسرت الصاد إتباعاً) للياء نحو دَلْو ودِلِيّ، وقوس وقِسّيِ، والأصل : عُصُوو، بواوين فأًُعِلَّ كما ترى بقلب الواوين ياءين استثقالاً لهما، فكسرت الصاد لتصح الياء، وكسرت العين إتباعاً.
ونقل صاحب اللوامح : أنَّ قراءة الحسن " عُصِيُهُمْ " بضم العين وسكون الصاد وتخفيف الياء مع الرفع، وهو أيضاً جمع كالعامة إلا أنه على فُعْل، والأول على فُعُول كفُلُوس.
والجملة من " تَخَيَّل " يحتمل أن تكون في محل رفع خبراً لهي على أن " إذا " الفجائية فضلة.
وأن تكون في محل نصب على الحال على أن " إذا " الفجائية هي الخبر والضمير في " إِلَيْهِ " الظاهر عوده على موسى.
وقيل يعود على (فِرْعَون) (ويدل للأول) قوله تعالى :﴿﴾ فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُّوسَى.
وفيه إضمار أي : فألقوا فإذا حبالُهُم وعِصِيُّهم، جمع حبل وعصا.
فصل قال ابن عباس : أَلْقَوا حِبَالَهُمْ وَعِصيَّهُم وأخذوا أعين الناس فرأى موسى والقوم كأن الأرض امتلأت حيَّات وكانت أخذت مَيْلاً من كل جانب، وأنها تسعى فخاف،
٣١٣


الصفحة التالية
Icon