وأن يكون حالاً من فاعل " يلعبون " فيكون الحالان متداخلين وعبر الزمخشري عن ذلك فقال :﴿وَهُمْ يَلْعَبُونَ لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ﴾ حالان مترادفان أو متداخلتان وإذا جعلناهما حالين مترادفين ففيه تقديم الحال غير الصريحة وفيه من البحث ما في باب النعت.
(و " قلوبهم " مرفوع بـ " لاَهِيَةً " ).
وقال البغوي :" لاَهِيَة " نعت تقدم الاسم، ومن حق النعت أن يتبع الاسم في الإعراب، فإذا تقدم النعت الاسم فله حالتان فصل ووصل، فحالته في الفصل النصب كقوله تعالى ﴿خاشِعاً أَبْصَارُهُمْ﴾ وهذه قراءة أبي عمرو وحمزة والكسائي و ﴿وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا﴾ [الإنسان : ١٤] و ﴿لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ﴾، وفي الوصل حالة ما قبله من الإعراب كقوله :﴿أَخْرِجْنَا مِنْ هَـاذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا﴾ [النساء : ٧٥] والعامة على " لاَهِيَة "، وابن أبي عبلة على الرفع على أنها خبر ثان لقوله " وهُمْ " عند من يُجوِّز ذلك، أو خبر مبتدأ محذوف عند من لا يجوّزه.
قوله :﴿وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ﴾ يجوز في محل " الذين " ثلاثة أوجه : أحدها : أنه بدل من (واو) " أسَرُّوا " تنبيهاً على اتصافهم بالظلم الفاحش وعزاه ابن عطية لسيبويه، وغيره للمبرد.
٤٤٦
الثاني : أنه فاعل، والواو علامة جمع دلت على جمع الفاعل كما تدل التاء على تأنيثه، وكذلك يفعلون في التثنية فيقولون : قاما أخواك وأنشدوا : ٣٧٠٤ - يَلُومُونَنِي فِي اشْتِرَاءِ النَّخيـ
ـخِيلِ أَهْلِ] وَكُلُّهُمُ أَلُوَمُ
اسم الكتاب : تفسير اللباب في علوم الكتاب
وإليه ذهب الأخفش وأبو عبيدة، وضعف بعضهم هذه اللغة وبعضهم حسنها فنسبها لأَزْدِ شَنُوءَة.
وتقدمت هذه المسألة في المائدة عند قوله تعالى :﴿ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ﴾ [المائدة : ٧١].
الثالث : أن يكون " الذين " مبتدأ " وأسَرُّوا " جملة خبرية قدمت على المبتدأ ويعزى للكسائي.
الرابع : أن يكون " الذين " مرفوعاً بفعل مقدر فقيل تقديره : يقول الذين، واختاره النحاس، قال : والقول كثيراً ما يضمر، ويدل عليه قوله بعد ذلك :﴿هَلْ هَـاذَآ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ﴾.
وقيل : تقديره : أسرها الذين ظلموا.
الخامس : أنه خبر مبتدأ مضمر تقديره : هم الذين ظلموا.
السادس : أنه مبتدأ وخبره الجملة من قوله :﴿هَلْ هَـاذَآ إِلاَّ بَشَرٌ﴾ (ولا بد من إضمار
٤٤٧
القول على هذا القول تقديره : الذين ظلموا يقولون هل هذا إلا بشر) والقول يضمر كثيراً.
والنصب من وجهين : أحدهما : الذم.
والثاني : إضمار " أعني ".
والجرّ من وجهين أيضاً : أحدهما : النعت.
والثاني : البدل من " للناس "، ويعزى هذا للفراء، وفيه بعد.
قوله :" هَلْ هذَا " إلى قوله :" تُبْصِرونَ " يجوز في هاتين الجملتين الاستفهاميتين أن تكونا في محل نصب بدلاً من " النَّجْوَى " وأن تكونا في محل نصب بإضمار القول.
قالهما الزمخشري.
وأن تكونا في محل نصب على أنهما محكيتان بـ " النَّجْوَى "، لأَنها في معنى القول " وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ " جملة حالية من فاعل " تَأْتُونَ ".
فصل اعلم أن الله - تعالى - ذم الكفار بهذا الكلام، وزجر غيرهم عن مثله، لأنهم إذا استمعوا وهم يلعبون لم يحصلوا إلى على مجرد الاستماع الذي قد تشارك فيه البهيمة
٤٤٨


الصفحة التالية
Icon