أي : وكل أخ لك غير الفرقدين مفارقه أخوه.
وقد وقع الوصف بـ " إلا " كما وقع الاستثناء بـ " غير "، والأصل في " إلا " الاستثناء وفي " غير " الصفة.
ومن مُلَح الكلام الزمخشري : والعم أن (إلا) و (غير) يتقارضان.
ولا يجوز أن يرتفع الجلالة على البدل.
قلت لأن " لو " بمنزلة " إن " في أن الكلام معها موجب، والبدل لا يسوغ إلا في الكلام غير الموجب كقوله تعالى
٤٦٨
﴿وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ﴾ [هود : ٨١] وذلك لأن أعم العام يصح نفيه، ولا يصح إيجابه.
فجعل المانع صناعياً مستنداً إلى ما ذكر من عدم صحّة إيجاب أعم العام.
وأحسن من هذا ما ذكره أبو البقاء من جهة المعنى قال : ولا يجوز أن يكون بدلاً، لأن المعنى يصير إلى قولك : لَوْ كَانَ فِيهِمَا الله لفسدتا ألا ترى أنك لو قلت : ما جاءني قومك إلا زيد على البدل لكان المعنى : جاءني زيد وحده.
ثم ذكر الوجه الذي رد به الزمخشري فقال : وقيل يمتنع البدل، لأن قبلها إيجاباً.
ومنع أبو البقاء النصب على الاستثناء لوجهين : أحدهما : أنه فاسد في المعنى، وذلك أنك إذا قلت : لو جاءني القوم إلا زيداً لقتلهم، كان معناه أن القتل امتنع لكون زيد مع القوم، ولو نصبت في الآية لكان المعنى : أن فساد السموات والأرض امتنع لوجود الله تعالى مع الآلهة، وفي ذلك إثبات إله مع الله.
وإذا رفعت على الوصف لا يلزم مذل ذلك، لأن المعنى لو كان فيهما غير الله لفسدتا.
والوجه الاثني : أن " آلهة " هنا نكرة، والجمع إذا كان نكرة لم يستثن منه عند جماعة من المحققين، إذ لا عموم له بحيث يدخل فيه المستثنى لولا الاستثناء.
وهذا الوجه
٤٦٩
الذي معناه، أعني الزمخشري وأبا البقاء، قد أجاز المبرد وغيره أما المبرد فإنه قال : جاز البدل، لأن ما بعد " لو " غير موجب في المعنى والبدل في غير الموجب أحسن من الوصف.
وفي هذا نظر من جهة ما ذكره أبو البقاء من فساد المعنى : وقال ابن الضائع تابعاً للمبرد : لا يصح المعنى عندي إلا أن تكون " إلا " في معنى (غير) التي يراد بها البدل، أي : لو كان فيهما آلهة عوض واحد، أي : بدل الواحد الذي هو الله لفسدتا، وهذا المعنى أراد سيبويه في المسألة التي جاء بها توطئة.
وقال الشلوبين في مسألة سيبويه :" لو كان معنا رَجُلٌ إلاَّ زَيْدٌ لَغُلِبْنَا " إن المعنى : لَوْ كَانَ مَعَنَا رَجُلٌ مكان زيد لغلبنا، فـ " إلا) بمعنى (غير) التي بمعنى مكان.
وهذا أيضاً جنوح من أبي علي إلى البدل.
وما ذكره ابن الضائع من المعنى المتقدم مسوغ للبدل، وهو جواب عنا أفسد به أبو البقاء وجه البدل إذ معناه واضح، ولكنه قريب من تفسير المعنى لا من تفسير الإعراب.
فصل المعنى لو كان يتولاهما، ويدبر أمرهما شيء غير الواحد الذي فطرهما لفسدتا ولا يجوز أن تكون " إلا " بمعنى الاستثناء، لأنها لو كانت استثناء لكان المعنى : لو كان فيهما آلهة ليس معهم الله لفسدتا، وهذا يوجب بطريق المفهوم أنه لو كان فيهما آلهة معهم الله أن لا يحصل الفساد، وذلك باطل، لأنه لو كان فيهما آلهة فسواء كان الله معهم، أو لم
٤٧٠