المجاز أو الحقيقة المتقدمتين.
وأن يتعلق بمحذوف على أنه حال كأنه قال : خلق الإنسان عجلاً.
قاله أبو البقاء.
وقرأ العامة " خُلِقَ " مبينياً للمفعول " الإنسان " مرفوعاً لقيامه مقام الفاعل.
وقرأ مجاهد وحميد وابن مقسم " خَلَقَ " مبنياً للفاعل " الإنسان " نصباً مفعولاً به.
فإن قيل : القوم استعجلوا الوعيد على وجه التكذيب، ومن هذا حاله لا يكون مستعجلاً على الحقيقة.
فالجواب : أن استعجالهم بما توعدهم من عقاب الآخرة أو هلاك الدنيا يتضمن استعجال الموت، وهم عالمون بذلك فكانوا مستعجلين حقيقة.
قوله :﴿سَأُوْرِيكُمْ آيَاتِي﴾ مواعيدي ؛ قيل : هي الهلاك المعجل في الدنيا والآخرة، ولذلك قال ﴿فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ﴾ أي أنه سيأتي لا محالة في وقته، فلا تطلبوا العذاب قبل وقته، فأراهم يوم بدر.
وقيل : كانوا يستعجلون القيامة.
وقيل : الآيات : أدلة التوحيد وصدق الرسول.
وقيل : كانوا يستعجلون القيامة.
وقيل : الآيات : أدلة التوحيد وصدق الرسول.
وقيل : الآيات آثار القرون الماضية بالشام واليمن.
قوله :﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَـذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ﴾ هذا هو الاستعجال المذموم على سبيل الاستهزاء، وهو كقوله :﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمًّى لَّجَآءَهُمُ الْعَذَابُ﴾ [العنكبوت : ٥٣] فبين تعالى أنهم يقولون ذلك لجهلهم وغفلتهم.
قوله :" مَتَى هَذَا " " مَتَى " خبر مقدم، فهي في محل رفع.
وزعم بعض الكوفيين أنها في محل نصب على الظرف، والعامل فيها فعل مقدر لـ " هَذَا " التقدير : متى يجيء هذا الوعد، أو متى يأتي ونحوه والأول أشهر.
قوله :" لو يعلم " جوابها مقدر، لأنه أبلغ في الوعيد فقدره الزمخشري : لما كانوا بتلك الصفة من الكفر والاستهزاء والاستعجال ولكن جهلهم هو الذي هونه
٥٠٢
عندهم وقدره ابن عطية : لما استعجلوا.
وقدره الحوفي : لسارعوا.
وقدره غيره : لعلموا صحة البعث.
وقال البغوي : لما أقاموا على كفرهم، ولما استعجلوا بقولهم ﴿مَتَى هَـذَا الْوَعْدُ﴾.
و " حين " مفعول به لعلموا، و ليس منصوباً على الظرف، أي : لو يعلمون وقت عدم كف النار.
وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون " يعلم " متروكاً بلا تعدية بمعنى : لو كان معهم علم ولم يكونوا جاهلين لما كانوا مستعجلين، و " حين " منصوب بمضمر أي حين ﴿لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ﴾ يعلمون أنهم كانوا على الباطل.
وعلى هذا فـ " حين " منصوب على الظرف، لأنه جعل مفعول العلم أنهم كانوا.
وقال أبو حيان : والظاهر أن مفعول " يَعْلَمُ) محذوف لدلالة ما قبله، أي : لو يعلم الذين كفروا مجيء الموعد الذي سألوا عنه واستبطأوه، و " حِينَ " منصوب بالمفعول الذي هوة مجيء، ويجوز أن يكون من باب الإعمال على حذف مضاف، وأعمل الثاني، والمعنى : لو يعلمون مباشرة النار حيت لا يكفونها عن وجوههم.
فصل ثم إنه تعالى ذكر في رفع هذا الحزن عن قلب رسول الله - ﷺ - وجهين : الأول : أنه بيَّن ما لصاحب هذا الاستهزاء من العقاب الشديد فقال ﴿لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ حِينَ لاَ يَكُفُّونَ عَن وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ﴾ أي : لو يعلمون الوقت الذي يسألون عنه بقولهم " مَتَى هَذَا الوَعْدُ " وهو وقت صعب شديد تحيط بهم فيه النار من قدّام ومن خلف، فلا يقدرون على دفعها عن أنفسهم، ولا يجدون ناصراً ينصرهم كقوله :﴿فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ اللَّهِ إِن جَآءَنَا﴾ [غافر : ٢٩].
وإنما خص الوجوه والظهور، لأن مس العذاب لها أعظم موقعاً.
قال بعضهم :﴿وَلاَ عَن ظُهُورِهِمْ﴾ السياط.
قوله " بَغْتَةٌ " نصب على الحال، أي : مباغتة.
والضمير في " تأتيهم " يعود على النار، وقيل : على الحين، لأنه في معنى الساعة.
وقيل : على الساعة التي تضطرهم فيها إلى العذاب.
وقيل : على الوعد،
٥٠٣


الصفحة التالية
Icon