عبلة وأبو حيوة بتنوين الصفة وإعمالها في الموصول.
والمعنى : أن الله يهدي الذين آمنوا إلى طريق قويم وهو الإسلام.
قوله تعالى :﴿وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرْيَةٍ﴾ الآية.
لما بين حال الكافرين أولاً ثم حال المؤمنين ثانياً عاد إلى شرح حال الكافرين مرة أخرى، فقال :﴿وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي مِرْيَةٍ﴾ شك ونفاق " مِنْه " أي : من القرآن، أو من الرسول، أو مم ألقاه الشيطان.
والمِرية والمُرية بالكسر والضم لغتان مشهورتان، وظاهر كلام أبي البقاء أنهما قراءتان.
قوله :﴿حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ﴾ وهذا يدل على أن الأعْصَار إلى قيام الساعة لا تخلو ممن هذا وصفه.
" بغْتَة " أي : فجأة من دون أن يشعروا، ثم جعل الساعة لكفرهمِ، وأنهم يؤمنون عند أشراط الساعة على وجه الإلجاء.
وقيل : أراد بالساعة الموت.
﴿أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ﴾.
قال الأكثرون : هو يوم بدر.
وقال عكرمة والضحاك : هو يوم القيامة.
والعقيم من العُقْم، وفيه قولان : أحدهما : أنه السد، يقال : امرأة مَعْقُومة الرَّحم أو مسدودته عن الولادة.
وهو قول أبي عبيد.
والثاني : أن أصله القطع، ومنه (المُلْك عَقِيم) أي : لأنه يقطع صلة الرحم بالتراحم عليه، ومنه العقيم لانقطاع ولادتها.
والعقم انقطاع الخبر، ومنه يوم عقيم، قيل : لأنه لا ليلة بعده، ولا يوم فشبه بمن انقطع نسله، وقيل : لأنهم لا يرون فيه خيراً.
وقيل : لأن كل ذات حمل تضع حملها في ذلك اليوم، فكيف يحصل الحمل فيه.
هذا إن أريد به يوم القيامة.
وإن أريد به يوم بدر فقيل : لأن أبناء الحرب تقتل فيه، فكأن النساء لم يلدنهم فيكنّ عُقماً، يقال : رجل عَقِيم وامرأة عَقيم، أي : لا يولد لهما.
والجمع عقم.
وقيل : لأنه الذي لا خير فيه، يقال : ريح عقيم إذا لم تنشئ مطراً، ولم تلقح شجراً.
١٢٨
وقيل : إنه لا مثل له في عظم أمره، وذلك لقتال الملائكة فيه.
والقول الأول أولى لأنه لا يجوز أن يقال :﴿وَلاَ يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ ويكون المراد إلى يوم بدر، لأن من المعلوم أنهم في مرية بعد يوم بدر.
فإن قيل : لمّا ذكر الساعة، فلو حملتم اليوم العقيم على يوم القيامة لزم التكرار.
قلنا : ليس كذلك لأن الساعة مقدمات القيامة، واليوم العقيم كما مر نفس ذلك اليوم على أن الأمر لو كان كما قال لم يكن تكراراً، لأن في الأول ذكر الساعة، وفي الثاني ذكر عذاب ذلك اليوم.
وإن أريد بالساعة وقت الموت، وبعذاب يوم عقيم القيامة فالسؤال زائل.
قوله :﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ للَّهِ﴾، وهذا من أقوى ما يدل على أن اليوم العقيم هو هذا اليوم، وأراد أنه لا مالك في ذلك اليوم سواه.
و " يَوْمَئِذٍ " منصوب بما تضمنه " لِلَّهِ " من الاستقرار، لوقوعه خبراً.
و " يَحْكُم " يجوز أن يكون حالاً من اسم الله، وأن يكون مستأنفاً، والتنوين في " يَوْمَئِذٍ " عوض من جملة، فقدرها الزمخشري : يوم يؤمنون.
وهو لازم لزوال المِرْيَة، وقدره أيضاً : يوم نزول مِرْيَتِهِم.
ثم بيَّن تعالى كيف يحكم بينهم وأنه يصير المؤمنين إلى جنات النعيم والكافرين إلى عذاب مهين.
قوله :" والَّذِيْنَ كَفَرُوا " مبتدأ، وقوله :" فأولَئِكَ " وما بعده خبره ودخلت الفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط بالشرط المذكور، و " لَهُم " يحتمل أن يكون خبراً عن " أولَئِكَ " و " عَذَاب " فاعل به لاعتماده على المخبر عنه.
وأن يكون خبراً مقدماً وما بعده مبتدأ، والجملة خبر " أولئك ".
جزء : ١٤ رقم الصفحة : ١١٦
قوله :" والَّذِينَ هَاجَرُوا " مبتدأ، وقوله :" لَيَرْزُقَنَّهُم " جواب قسم مقدر، والجملة القسمية وجوابها خبر قوله :" والَّذِينَ هَاجَرُوا ".
وفيه دليل على وقوع الجملة القسمية خبراً للمبتدأ.
ومن يمنع يضمر قولاً هو الخبر يحكي به هذه الجملة القسمية.
وهو قول مرجوح.
قوله :" رِزْقاً " يجوز أن تكون مفعولاً ثانياً على أنه من باب الرعي والذبح أي : مرزوقاً حسناً.
وأن يكون مصدراً مؤكداً.
١٣٠