عورة الرجل مع الرجل.
وعورة المرأة مع المرأة.
وعورة المرأة مع الرجل.
وعورة الرجل مع المرأة.
أما الرجل مع الرجل، فيجوز له أن ينظر إلى جميع بدنه إلا العورة، وهي ما بين السرة والركبة، والسرة والركبة ليسا بعورة.
وعند أبي حنيفة : الركبة عورة.
وقال مالك :" الفخذ ليس بعورة ".
وهو مردود بقوله عليه السلام :" غَطِّ فَخَذَكَ فإنَّهَا مِنَ العَوْرَةِ ".
وقوله لعلي :" لا تُبْرِزْ فَخذَكَ، وَلاَ تَنْظُر إلى فَخِذِ حَيٍّ وَلاَ مَيِّتٍ ".
فإن كان أمر ولم يحل النظر إلى وجهه، ولا إلى شيء من سائر بدنه بشهوة، ولا يجوز للرجل مضاجعة الرجل وإن كان كل واحد منهما في جانب من الفراش لقوله عليه السلام :" لا يُفضي الرجل إلى الرجل في فراش واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في ثوب واحد " وتكره معانقة الرجل للرجل وتقبيله إلا لولده شفقة لما روي عن أنس قال :" قال رجل : يا رسول الله، الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له ؟ قال : لا.
قال : أيلزمه ويقبله ؟ قال : لا.
قال : أفيأخذ يده فيصافحه ؟ قال : نعم ".
ونهى رسول الله - ﷺ - عن المكاعمة والمكامعة، وهي : معانقة الرجل للرجل وتقبيله.
وأما عورة المرأة مع المرأة، فهي كالرجل مع الرجل فيما ذكرنا سواء.
والذمية هل يجوز لها النظر إلى بدن المسلمة ؟ فقيل : هي كالمسلمة مع المسلمين.
٣٥٠
والصحيح أنه لا يجوز لها (النظر) لأنها أجنبية في الدين لقوله تعالى :" أَوْ نِسَائِهِنَّ " وليست الذمية من نسائنا.
وأما عورة المرأة مع الرجل، فإما أن تكون (أجنبية، أو ذات محرم، أو مستمتعة.
فإن كانت أجنبية فإما أن تكون حرة أو أمة.
فإن كانت) حرة فجميع بدنها عورة إلا الوجه والكفين، لأنها تحتاج إلى إبراز الوجه للبيع والشراء وإلى إخراج الكف للأخذ والعطاء، والمراد : الكف إلى الكوع.
واعلم أن النظر إلى وجهها ينقسم ثلاثة أقسام : إما ألاّ يكون فيه غرض ولا فتنة، وإما أن يكون فيه غرض ولا فتنة، وإما أن يكون لشهوة.
فإن كان لغير غرض فلا يجوز النظر إلى وجهها، فإن وقع بصره عليها بغتة غض بصره لقوله تعالى :﴿قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾.
وقيل : يجوز مرة واحدة إذا لم تكن فتنة، وبه قال أبو حنيفة.
ولا يجوز تكرار النظر لقوله عليه السلام :" لا تُتْبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة ".
وقال جابر : سألت رسول الله - ﷺ - عن نظر الفجاءة، فأمرني أن أصرف بصري.
فإن كان فيه غرض ولا فتنة، وهو أمور : أحدها : أن يريد نكاح امرأة فينظر إلى وجهها وكفيْها لقول رسول الله - ﷺ - للرجل الذي سأله أنْ يتزوج امرأة من الأنصار :" انظُرْ إليْهَا، فإنَّ في أعين الأنصار شيئاً " وقال عليه السلام :" إذا خطب أحدُكُم المرأة فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان ينظر إليها للخطبة ".
وقال المغيرة بن شعبة :" خطبت امرأة، فقال عليه السلام : نظرت إليها ؟ فقلت :
٣٥١
لا.
قال : فانظر فإنه أحْرى أن يؤدم (بينكما) ".
وذلك يدل على جواز النظر بشهوة إلى الوجه والكفين إذا أراد أن يتزوجها ولقوله تعالى :﴿لاَّ يَحِلُّ لَكَ النِّسَآءُ مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ﴾ [الأحزاب : ٥٢] ولا يعجبه حسنهن إلا بعد رؤية وجوههن.
وثانيها : أنه إذا أراد شراء جارية فله أن ينظر منها إلى ما ليس بعورة.
وثالثها : عند المبايعة ينظر إلى وجهها متأملاً حتى يعرفها عند الحاجة.
ورابعها : ينظر إليها عند تحمل الشهادة، ولا ينظر إلى غير الوجه.
فإن كان النظر لشهوة فهو محرم لقوله عليه السلام :" العينان تزنيان ".
وأما النظر إلى بدن الأجنبية فلا يجوز إلا في صور : أحدها : يجوز للطبيب الأمين أن ينظر للمعالجة والختان، ينظر إلى فرج المختون للضرورة.
وثانيها : أن يتعمد النظر إلى فرج الزانيين ليشهد على الزنا، وكذلك ينظر إلى فرجها ليشهد على الولادة، وإلى ثدي المرضعة ليشهد على الرضاع.
وقال بعض العلماء لا يجوز للرجل أن يقصد النظر في هذه المواضع، لأن الزنا مندوب إلى ستره، وفي الولادة والرضاع تقبل شهادة النساء، فلا حاجة إلى نظر الرجال.
وثالثها : لو وقعت في غرق أو حرق له أن ينظر إلى بدنها لتخليصها.
فإن كانت الأجنبية أمة قيل : عورتها ما بين السرة والركبة.
وقيل : عورتها ما لا يبين في المهنة، فخرج منه عنقها وساعدها ونحرها ولا يجوز لمسها ولا لها لمسه بحال إلا لحاجة، لأن اللمس أقوى من النظر، لأن الإنزال باللمس يفطر الصائم وبالنظر لا يفطره.
٣٥٢


الصفحة التالية
Icon