يشرب من ألبانها حتى يجد من يشاربه، فإذا أمسى ولم يجد أحداً أكل.
هذا قول قتادة والضحاك وابن جريج.
وقال عطاء الخراساني عن ابن عباس : كان الغني يدخل على الفقير من ذوي قرابته وصداقته فيدعوه إلى طعامه، فيقول : والله إني لأحتج، أي : أتحرج أن آكل معك، وأنا غني وأنت فقير، فنزلت هذه الآية وقال عكرمة وأبو صالح :" نزلت في قوم من الأنصار كانوا لا يأكلون إذا نزل بهم ضيف إلاّ مع ضيفهم، فرخص لهم في أن يأكلوا كيف شاءوا جميعاً مجتمعين، أو اشتاتاً متفرقين ".
وقال الكلبي :" كانوا إذا اجتمعوا ليأكلوا طعاماً عزلوا للأعمى طعاماً على حدة، وكذلك المزمن والمريض، فبيّن الله لهم أن ذلك غير واجب ".
قوله :" جَمِيعاً " حال من فاعل " تَأْكُلُوا "، و " أَشْتَاتاً " عطف عليه، وهو جمع " شَتّ " و " شَتَّى " جمع " شَتيت ".
و " شَتَّانَ " تثنية " شت ".
قال المفضل : وقيل : الشت : مصدر بمعنى : التفرق، ثم يوصف به ويجمع.
قوله :﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُواْ عَلَى أَنفُسِكُمْ﴾.
أي : ليسلم بعضكم على بعض، جعل أنفس المسلمين كالنفس الواحدة، كقوله تعالى :﴿وَلاَ تَقْتُلُوا ااْ أَنْفُسَكُمْ﴾ [النساء : ٢٩].
قال ابن عباس :" فإن لم يكن أحد فعلى نفسه يسلم، ليقل : السلام علينا من قبل ربنا ".
قال جابر وطاوس والزهري وقتادة والضحاك وعمرو بن دينار :" إذا دخل الرجل بيت نفسه يسلم على أهله ومن في بيته ".
وقال قتادة :" إذا دخلت بيتك فسلم على أهلك، فهم أحق من سلمت عليهم، وإذا دخلت بيتاً لا أحد فيه فقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، حدثنا أن الملائكة ترد عليه " وعن ابن عباس في قوله :﴿فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُواْ عَلَى أَنفُسِكُمْ﴾ قال :" إذا دخلت المسجد فقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ".
قال القفال :" وإن كان في البيت أهل الذمة فليقل : السلام على من اتبع الهدى ".
قوله :" تَحيَّةً " منصوب على المصدر من معنى " فَسَلِّمُوا " فهو من باب : قَعَدْتُ
٤٦١
جُلُوساً، كأنه قال : فحيوا تحية، وتقدم وزن " التحية ".
و ﴿مِّنْ عِندِ اللَّهِ﴾ يجوز أن يتعلق بنفس " تَحية " أي : التحية صادرة من جهة الله، و " مِنْ " لابتداء الغاية مجازاً إلا أنه يعكر على الوصف تأخر الصفة الصريحة عن المؤولة، وتقدم ما فيه.
فصل ﴿تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ﴾ أي : مما أمركم الله به.
قال ابن عباس : من قال : السلام عليكم، (معناه : اسم الله عليكم " مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ".
قال ابن عباس) :" حسنة جميلة " وقال الضحاك :" معنى البركة فيه تضعيف الثواب " ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ﴾ أي : يفصل الله شرائعه " لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " عن الله أمره ونهيه.
قال أنس :" وقفت على رأس النبي - ﷺ - أصب الماء على يديه، فرفع رأسه وقال :" ألا أعلمك ثلاث خصال تنتفع بها " ؟ فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله، بلى.
قال :" من لقيت من أمتي فسلم عليهم يطل عمرك، وإذا دخلت بيتاً فسلم عليهم يكثر خير بيتك، وصل صلاة الضحى فإنها صلاة الأوابين ".
جزء : ١٤ رقم الصفحة : ٤٥٦
قوله تعالى :﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُواْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُواْ مَعَهُ﴾ أي : مع رسول الله
٤٦٢


الصفحة التالية
Icon