و " أَيكٌ " للجمع، مثل : أَجمة وأَجَم.
والأَيْكُ : الشجر الملتف، فأجود القراءة فيها الكسر وإسقاط الهمزة لموافقة المصحف ؛ ولا أعلمه إلا قد قرىء به.
وقال الفارسي : قول من قال :" لَيْكَة " بفتح التاء مُشكِلٌ، لأنه فتح مع لحاق اللام الكلمة، وهذا في الامتناع كقول من قال : مَرَرْت بِلَحْمَر.
فيفتح الآخر مع لحاق لام المعرفة، وإنما كتبت " لَيْكَة " على تخفيف الهمز، والفتح لا يصح في العربية لأنه فتح حرف الإعراب في موضع الجرّ مع لام المعرفة، فهو على قياس قول من قال : مَرَرْتُ بِلَحْمَر، ويبعد أن يفتح نافع ذلك مع ما قال عنه ورش.
يعني أنَّ وَرْشاً نقل عن نافع نقل حركة الهمزة إلى الساكن قبلها حيث وُجِدَ بشروط مذكورة، ومن جملة ذلك ما في سورة " الحِجْر " و " ق " لفظ " الأَيْكَة "، فقرأ على قاعدته في السورتين بنقل الحركة وطرح الهمزة وخفض التاء، فكذلك ينبغي أن يكون الحكم في هذين الموضعين أيضاً.
وقال الزمخشري : قرىء " أَصْحَابُ الأَيْكَةِ " بالهمزة وبتخفيفها وبالجر على الإضافة، وهو الوجه، ومن قرأ بالنصب وزعم أنَّ " لَيْكَة " بوزن :" لَيْلَة " - اسم البلد - فتوهُّمٌ قاد إليه خط المصحف..
وإنما كتبت على حكم لفظ اللافظ، كما يكتب أصحاب (النحو) لان ولاولى على هذه الصورة لبيان لفظ المخفف.
وقد كتبت في سائر القرآن على الأصل والقصة واحدة، على " أنَّ لَيْكَةَ " اسم لا يعرف، وروي أَنَّ " أَصْحَابَ الايْكَةِ " كانوا أصحاب شجر مُلْتَفٍّ، وكان شجرهم الدَّوم، وهو شَجَرُ المُقل.
يعني أن مادة (ل ي ك) مفقودة في لسان العرب.
كذا قال الثقات ممن تتبَّع ذلك.
قال : وهذا كما نصُّوا على أنَّ الخاء والذال المعجمتين لم يجامعا الجيم في لغة
٧٣
العرب، ولذلك لم يذكرها صاحب " الصحصاح " مع ذكره التفرقة المتقدمة عن أبي عبيد، ولو كانت موجودة في اللغة لذكرها مع ذكره التفرقة المتقدمة لشدة الاحتياج إليها.
وقال الزجاج أيضاً : أهل المدينة يفتحون على ما جاء في التفسير أنَّ اسم المدينة التي كان فيها شعيب ( " لَيْكَة " ).
قال أبو علي : لو صح هذا فلم أجمع القراء على الهمز في قوله :﴿وَإِن كَانَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ﴾ [الحجر : ٧٨]، و " الأَيْكَةُ " التي ذكرت هاهنا هي " الأيْكَة " التي ذكرت هناك، وقد قال ابن عباس : الأَيْكَةُ : الغَيْضَة ولم يفسرها بالمدينة ولا البلد.
قال شهاب الدين : وهؤلاء كلُّهم كأنهم زعموا أنَّ هؤلاء الأئمة الأثبات إنما أخذوا هذه القراءة من خط المصاحف دون أفواه الرجال، وكيف يظنُّ بمثل أسنِّ القرّاء وأعلاهم إسناداً، والآخذ القرن عن جملة من (جلّة) الصحابة أبي الدَّرداء وعثمان بن عفان وغيرهما، وبمثل إمام مكّة - شرّفها الله تعالى - وبمثل إمام المدينة، وكيف ينكر على أبي عبيد قوله أو يتَّهم في نقله ؟ ومن حفظ حجةٌ على من لم يحفظ ؛ والتواتر قطعيٌّ فلا يعارض بالظني، وأما اختلاف القراءة مع اتحاد القصة فلا يضر ذلك، عبِّر عنها تارةٌ بالقرية خاصة وتارة بالمصر الجامع للقرى كلها، الشامل هو لها، وأما تفسير ابن عباس فلا ينافي ذلك، لأنَّه عبر عنها بما كثر فيها.
قوله :﴿إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ﴾ ولم يقل : أخوهم ؛ لأنه لم يكن من أصحاب الأيكة في النسب، فلما ذكر مدين قال :" أَخَاهُمْ " لأنه كان منهم، وكأن الله تعالى بعثه إلى قومه - أهل مدين - وإلى أصحاب الأيكة.
وفي الحديث :" إِنَّ شُعَيْباً أَخَا مَدْيَن أرسا إليهم وإلى أصحاب الأيكة ".
٧٤


الصفحة التالية
Icon