" مِنْ " في قوله :﴿مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للَّهِ﴾ [البقرة : ١١٢} يعني سالماً لله خالصاً لله.
جزء : ١٥ رقم الصفحة : ١٩٨
قوله :﴿وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِم﴾ أي : مضمون القول، أو أطلق المصدر على المفعول، أي : المقول.
ومعنى وقع القول عليهم : وجب العذاب عليهم، وقال قتادة : إذا غضب الله عليهم ﴿أخرجنا لهم دابة من الأرض﴾.
قوله :" تُكَلِّمُهُمْ " العامة على التشديد، وفيه وجهان : أظهرهما : أنه من الكلام والحديث، ويؤيده قراءة أُبيّ :" تُنَبِّئُهُمْ " وقراءة يحيى بن يلام :" تحدثهم " - وهما تفسيران لها.
الثاني :" تجرحهم " ويدل عليه قراءة ابن عباس وابن جبير ومجاهد وأبي زرعة والجحدري " تَكْلُمُهُمْ " - بفتح التاء وسكون الكاف وضم اللام - من الكَلْمِ وهو الجرح، وقد قراء " تجرحهم " وجاء في الحديث : إنها تسم الكافر.
قوله :" أنَّ النَّاسَ " قرأ الكوفيون بفتح " أن " والباقون بالكسر، فأما الفتح فعلى تقدير الباء، أي : بأن الناس، ويدل عليه التصرح بها في قراءة عبد الله " بأنَّ النَّاسَ ".
ثم هذه الباء يحتمل أن تكون معدية وأن تكون سببيّة، وعلى التقديرين يجوز أن تكون " تُكَلِّمُهُمْ " بمعنييه من الحديث والجرح أي : تحدثهم بأن الناس أو بسبب أن الناس أو تجرحهم بأن الناس، أي : تسمهم بهذا اللفظ أو تسمهم بسبب انتفاء الإيمان.
وأما
٢٠١
الكسر فعلى الاستئناف، ثم هو يحتمل أن يكون من كلام الله تعالى - وهو الظاهر - وأن يكون من كلام الدابة، فيعكر عليه " بِآيَاتِنَا " ويجاب عنه إما باختصاصها صح إضافة الآيات إليها، كقولك : اتباع الملوك ودوابنا وخيلنا وهي لملكهم، وإما على حذف مضاف أي : بآيات ربنا، و " تُكَلِّمُهُمْ " إن كان من الحديث فيجوز أن يكون إما لإجراء " تُكَلِّمُهُمْ " مجرى تقول لهم، وإما على إضمار القول أي : فتقول كذا، وهذا القول تفسير لتكلمهم.

فصل قال السدي : تكلمهم ببطلان الأديان سوى دين الإسلام.


وقيل : تقول للواحد هذا مؤمن وهذا كافر.
وقيل كلامهم ما قال ﴿أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا﴾ تخبر الناس أن أهل مكة لم يؤمنوا بالقرآن والبعث.
قال ابن عمر : وذلك حين لا يؤمر بمعروف ولا ينهى عن منكر.
قال رسول الله - ﷺ - " بَادِرُوُا بالأَعْمَالِ ستّاً.
طلوعَ الشمس من مغربها، والدجالَ، والدخانَ والدابةَ وخاصةَ أحدكم، وأمرَ العامة " وقال عليه السلام :" إنّ أولَ الآياتِ خروجاً طلوعُ الشمس من مغربها، وخروجُ الدابة على الناس ضحًى، فأيتهما ما كانت قبل صاحبتها، فالأخرى على أثرها " وقال عليه السلام :" يكون للدابة ثلاث خرجات من الدهر، فتخرج خروجاً في أقصى المين، فيفشوا ذكرها بالبادية، ولا يدخل ذكرها القرية - يعني مكة - ثم تكمن زماناً طويلاً، ثم تخرج خرجة أخرى قريبا من مكة، فيفشوا ذكرها بالبادية، ويدخل ذكرها القرية - يعني مكة - ثم بينا الناس يوماً في أعظم المساجد على الله حرمه، وأكرمها على الله عزَّ وجلَّ يعني المسجد الحرام، ثم لم يرعهم إلا وهي في ناحية المسجد تدنوا وتدنو " - قال الراوي : ما بين الركن الأسود إلى باب بني مخزوم عن يمين الخارج في وسط من ذلك - " فارفضّ الناس عنها، وثبت لها عصابة عرفوا أنهم لم يعجزوا الله، فخرجت عليهم تنفض رأسها من التراب فمرت بهم فجلت عنهم عن وجوههم، حتى تركتها كأنها الكواكب
٢٠٢


الصفحة التالية
Icon