مُحَيْصنٍ وأَبُو رَجَاءٍ : بكسر اللام وهي لغة العالية، والمضارع من هذا يَضَلُّ بالفتح، وقرأ علي وأبو حَيْـ(وَة) " ضُلِّلْنَا " بضم الضاد وكسر اللام المشددة من " ضَلَّلَهُ " بالتشديد، وقرأ عَلِيٌّ أيضاً وابن عباس والحسن والأعمش وأبان بن سعيد :" صَلَلْنَا " بصاد مهملة، ولام مفتوحة، وعن الحسن أيضاً صَلِلْنَا بكسر اللام.
وهما لغتان، يقال : صَلَّ اللحمُ بفتح الصاد وكسرها لمجيء الماضي مَفْتُوحَ العين ومَكْسُورَها، ومعنى صَلَّ اللَّحْمُ أنْتَنَ وتَغيَّرتَ رَائِحَتُهُ ويقال أيضاً : أَصَلَّ بالألف قال : ٤٠٦٤ - تُلَجْلِجُ مُضْغَةً فِيهَا أنِيضُ
أَصَلَّتْ فَهيَ تَحْتَ الكَشْحِ دَاءُ
وقال النحاس : لا يعرف في اللغة " صَلَلْنَا " ولكن يقال : صَلَّ اللَّحْمُ وأَصَلَّ، وخَمَّ وأَخَمَّ وقد عَرَفَها غَيْرُ أَبِي جَعْفَر.
فصل قال في تكذيبهم بالرسالة :" أَمْ يَقُولُونَ " بلفظ المستقبل وقال في تكذيبهم بالحشر :" وَقَالُوا " بلفظ الماضي ؛ لأن تكذيبهم بالرسالة لم يكن قبل وجوده، وإنما كان حال وجوده فقال :" يَقُولُونَ " يعني هم فيه.
وأما إنكار الحشر فكان سابقاً صادراً منهم ومن آبائهم فقال :" وَقَالُوا " وصرح بقولهم في الرسالة فقال :" أَمْ يَقُولُونَ " وفي الحشر فقال :﴿وَقَالُوا ااْ أَإِذَا ضَلَلْنَا﴾ ولم يصرح بقولهم في الوحدانية ؛ لأنهم كانوا مصرين في جميع الأحوال على إنكار الحشر والرسالة وأما الوحدانية فكانوا يعترفون بها في بعض الأحوال في قوله :﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [لقمان : ٢٥] فلم يقل : قالوا إن الله ليس بواحد وإن كانوا قالوه في الظاهر.
٤٨٠
فإن قيل : إنه ذكر الرسالة من قبل وذكر دليلها (وهو التنزيل الذي لا ريب فيه وذكر الوحدانية وذكر دليلها وهو) خَلْقُ السماوات والأرض وخَلْقُ الإنسان من طين، ولما ذكر إنكارهم الحشرَ لم يذكر الدليل ؟ فالجواب : أنه ذكر دليله أيضاً وهو أن خلق الإنسان ابتداءً دليل على قدرته على الإعادة ولهذا استدل (تعالى) على إمكان الحشر بالخلق الأول كما قال :﴿ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم : ٢٧] وقوله :﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [يس : ٧٩] وأيضاً خلق السماوات والأرض كما قال :﴿أَوَلَيْسَ الَذِي خَلَقَ السَّمَاواتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم بَلَى ﴾ [يس : ٨١].
قوله :﴿أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ استفهام إنكاري أي إننا كائنونَ في خلق جديد أو واقعون فيه ﴿بَلْ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ﴾ إضراب عن الأول يعني ليس إنكارهم لمجرد الخلق ثانياً بل يكفرون بجميع أحوال الآخرة حتى لو صدقوا بالخلق الثاني لما اعترفوا بالعذاب والثواب.
أو يكون المعنى لم ينكروا البعث لنفسه بل لكفرهم بلقاء الله فإنهم كَرِهُوهُ فأنكروا المُفْضي إلَيْهِ، ثم بين لهم ما يكون (من الموت إلى العذاب) فقال :" قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ " يقبض أرواحكم ﴿مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ﴾ أي وكل بقبض أرواحكم وهو عزرائيلُ، (والتَّوَفِّي) استيفاء العدد معناه أنه يقبض أرواحهم حتى لا يبقى أحد من العدد الذي كُتِبَ عليه الموت.
فصل روي أن ملك الموت جعلت له الدنيا مثل راحة اليد يأخي منها صاحبها، ما أحب من غير مشقة فهو يقبض أنفُسَ الخَلْقِ من مشارق الأرض ومغربها، وله أعوان من ملائكة الرحمة وأعوان من ملائكة العذاب، وقال ابن عباس : خطوة ملك الموت ما بين المشرق والمغرب، وقال مجاهد : جعلت الأرض مثل طِسْتٍ يتناول منها حيث شاء.
قوله :﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ أي تصيرون إليه أحياء فيجزيكم بأعمالكم، وقرأ العامة : تُرْجَعُونَ ببنائه للمفعول، وزيد بن علي : ببنائه للفاعل.
قوله :" وَلَوْ تَرَى " في " لو " هذه وجهان :
٤٨١
أحدهما : أنها لِمَا كان سَيَقَعُ لوقوعه غيره.
وعبَّر عنها الزمخشري بامتناعٍ لامْتِنَاع، وناقشه أبو حيان في ذلك.
وقد تقم تحقيقه أول البقرة، وعلى هذا جوابها محذوف أي لرأيت أمر فظيعاً.
والثاني : أنها للتمني.
قال الزمخشري كأنه قيل : وليتك ترى.
وفيها إذا كانت للتمنِّي خلافٌ على تقتضي جواباً أم لا، وظاهر تقدير الزمخشري هنا أنه لا جواب لها.
قال أبو حيان : والصحيح أن لها جواباً وأنشد : ٤٠٦٥ - فَلأَوْ نُبِشَ المِقَابِرُ عَنْ كُلَيْبٍ
فَيُخْبِرَ بالذَّنَائِبِ أَيُّ زِيرِ
جزء : ١٥ رقم الصفحة : ٤٧٠
بِيَوْمِ الشَّعْثَمَيْنِ لقَرَّ عيْناً
وَكِيْفَ لِقَاءُ مَنْ تَحْتَ القُبُورِ