نص النبي - ﷺ - لا يُعْمَل بقول الصَّحابيِّ بل يؤخذ النور من النبي ولا يؤخذ من الصحابي، فلم يجعله سراجاً.
قوله :" وَبَشِّر المُؤْمِنِينَ " عطف على مفهوم تقديره :" إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً ومُبَشراً فاشْهَدْ وبَشِّرْ} ولم يذكر " فاشهد " للاستغناء عنه، وأما البشارة فذكرت إشارة للكرم، ولأنها غير واجبة لولا الأمر.
وقوله ﴿بِأَنَّ لَهُمْ مِّنَ اللَّهِ فَضْلاً كِبِيراً﴾ كقوله تعالى :﴿وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً عَظِيماً﴾ والعظيم والكبير متقاربان.
قوله :﴿وَلاَ تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾ تقدم تفسيره أو السورة، وهو إشارة إلى الإِنذار يعني خالفهم ورُدَّ عليهم.
قوله :" وَدَعْ أَذَاهُمْ " يجوز أن يكون " أَذَاهُمْ " مضافً لمفعوله أي اترك أذاك لهم، أي عقابك إياهم.
قال الزجاج : لا تجازهم عليه، وهذا منسوخ بأيةِ السيف، ويجوزم أن يكون مضافاً لفاعله أي اترك ما أَذَوْكَ به فلا تؤاخذهم حتى تُؤْمَر أي دعه إلى الله فإنه يعذبهم بأيديكم وبالنار وبين هذا قوله تعالى :﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً﴾ أي حافظاً.
جزء : ١٥ رقم الصفحة : ٥٥٩
قوله :﴿ يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا ااْ إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ...
﴾ الآية وجه تعلق الآية بما
٥٦٣
قبلها هو أن الله تعالى في هذه السورة مكارم الأخلاق وأدب نبيه على ما تقدم والله تعالى أمر عباده المؤمنين بما أمر به نبيه فكلما ذكر لنبيّه مكرمةٌ، وعلَّمَه أدباً ذكر للمؤمنين ما يناسبه، ولما بدأ الله تعالى في تأديب النبي - عليه الصلاة والسلام - ذكر ما يتعلق بجانب الله تعالى بقوله :﴿ يا أيها النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ﴾ [الأحزاب : ١] وثنى بما يتعلق بجانب من هو تحت يده من أزواجه بقوله : بعده ﴿ يا أيها النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ﴾ [الأحزاب : ٢٨، ٥٢] وثلث بما يتعلق بجانب العامة بقوله :﴿ يا أيها النَّبِيُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً﴾ [الأحزاب : ٤٥] كذلك بدأ في إرشاد المؤمنين بما يتعلق بجانب الله فقال :﴿ يا أيها الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً﴾ [الأحزاب : ٤١] ثم ثنى بما يتعلق بجانب من تحت أيديهم بقوله :﴿ يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا ااْ إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ﴾ ثم كما ثلث في تأديب بجانب الأمة ثَلَّث في حق المؤمنين بما يتعلق بهم فقال بعد هذا :﴿ يا أيها الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ النَّبِيِّ﴾ [الأحزاب : ٥٣] وبقوله :﴿ يا أيها الَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ﴾ [الأحزاب : ٥٦] فإن قيل : إذا كان هذا إرشاداً إلى ما يتعلق بجانب من هو خواص المرء فلم خص المطلقات اللاتي طلقن قبل المسيس ؟.
فالجواب : هذا إرشاد إلى أعلى درجات المكرمات ليعلم منها ما دونها، وبيانه أن المرأة إذا طلقت قبل المسيس لم يحصل بينهما تأكد العهد، ولهذا قال تعالى في حق المَمْسُوسَة :﴿وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً﴾ [النساء : ٢١] فإذا أمر الله (تعالى) بالتمتع والإحسان مع من لا مودة بينه وبينهما فلما ظنك بمن حصلت المودة بالنسبة إليها بالإفضاء أو حصل تأكدها بحصول الولد بينهما، وهذا كقوله تعالى :﴿فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا﴾ [الإسراء : ٣٢] لو قال : لا تضربهما ولا تشتمهما ظن أنه حرام لمعنى مختص بالضرب أو الشتم، فأما إذا قال :﴿لا تقل لهما أف﴾ علم من معانٍ كثيرةٍ فكذلك ههنا لما أمرنا بالإحِسان مع من لا مودة معها علم منه الإِحسان مع الممسوسة ومن لم تطلق بعدُ ومن ولدت عنده منه.
قوله :" ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ " إن قيل : ما الفائدة بالإتيان " بثُمَّ " وحكم من طلقت على الفور بعد العقد كذلك ؟ فالجواب : أنه جرى على الغالب.
وقال الزمخشري : نفى التوهم عمن عسى يتوهم تفاوت الحكم بين أن يطلقها قريبة العهد بالنكاح وبين أن يبعُدَ عهدها بالنكاح وتتراخى بها المرأة في حُبَالَة الزوج ثم طلّقها.
قال أبو حيان :
٥٦٤
واستعمل " عسى " صلة لمن وهو لا يجوز.
" قال شهاب الدين " يخرج قوله على ما خرج عليه قول الآخَر : ٤٠٩٧ - وَإِني لَرَامٍ نَظْرَةً قِبَلَ الَّتِي
لَعَلِّي - وَإِنْ شَطَّتْ نَوَاهَا - أَزُورُهَا
جزء : ١٥ رقم الصفحة : ٥٦٣