يسم فاعله، وقرأ الحسن وعيسى والرؤاسي - بفتح التاء - أي تَتَقَلَّب (و) وُجُوهُهُمُ فاعل به، وأبو حيوة نُقَلِّبُ بالنون أي نحن (و) وُجُوهَهُمْ بالنصب.
وعيسى تُقَلّب - بضم التاء وكسر اللام - أي السعيرُ أو الملائكةُ وُجُوهَهُمْ بالنصب على المفعول به " يَقُولُون " حال و " يَا لَيْتَنَا " مَحْكيّ.
قوله :﴿تقلب وجوههم في النار﴾ ظهراً لبطن كانا يسحبون لعيها يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولَ في الدنيا.
قوله :" سَادَتَنا " قرأ ابنُ عامر في آخرينَ بالجمع بالألف والتاء، قال البغوي على جَمْع الجَمْع، والباقون " سَادَتَنا " على أنه جمع تكسير غير مجموع بألف وتاء، ثم " سادة " يجوز أن يكون جمعاً لسيّد ولكن لا ينقاص لأن " فيْعلاً " لا يجمع على " فَعَلَةٍ " وسادة فعلة، إذ الأصل سَوَدَةٌ، ويجوز أن يكون جمعاً لسائد نحو : فَاجِر وفَجَرَةٍ وكَافِر وكَفَرَةٍ، وهو أقرب إلى القياس مما قبله، وابن عامر جمع هذا ثانياً بالألف والتاء وهو غير مقيس أيضاً نحو : بُيُوتَات، وجَمَالاَتٍ.
فصل لما بين أنه لا شفيع لهم يدفع عنهم العذاب بين أن بعض أعضائه أيضاً لا يدفع العذاب عن البعض بخلاف عذاب الدنيا فإن الإنسان يدفع عن وجهه الضربة اتِّقاءً بيده فإن من يقصد رأسه ووجهه يجعل يده جُنَّة لوجهه ووقاية له يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول في الدنيا فيندمون حيث لا تنفعهم الندامة ثم يقولون ﴿رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا﴾ أي
٥٩٣
أطعنا السادة بدل طاعة الله وطاعة الرسول " فأَضَلُّونَا السَّبِيلاً ".
﴿فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاْ﴾ قرأ عاصم " كبيراً - بالباء الموحدة - والباقون بالمثلثة وتقدم معناهما في البقرة، والمراد بضعفين من العذاب أي ضِعْفَيْ عَذَابِ غَيْرِهِمْ.
جزء : ١٥ رقم الصفحة : ٥٧٨
قوله تعالى :﴿ يا أيها الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَى ﴾ الآية لما بين أن من يؤذي الله ورسوله يُلعن ويعذب، وكان ذلك إشارة إلى أن الإيذاء كفر أرشد المؤمنين إلى الامتناع من الإيذاء الذي هو دونه وهو لا يروث كفراً وهو من لم يرض بقسمة النبي عليه (الصلاة و) السلام وبحكمه (بالفَيءِ لِبَعْض) فقال : لا تكونوا كالذين آذوا موسى قال بعضهم : إيذاؤهم لموسى بنسبة عيب في بَدَنِهِ، وقيل : إن قارون قال لامرأة : قولي إِن موسى قد وقع في فاحشةٍ والإيذاء المذكور في القرآن كاف وهو قولهم :﴿فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا اا﴾ [المائدة : ٢٤] وقولهم :﴿لَن نَّصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ﴾ [البقرة : ٦١] إلى غير ذلك فقال للمؤمنين : لا تكونوا أمثالهم إذا طلبكم الرسول للقتال لا تقولوا اذهب أنت وربك فقاتلا وإذا أمركم الرسول بشيء فأتوا منه ما استطعتم، وقوله :﴿فَبرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُواْ﴾ على الأول ظاهر لأنه أبرز جسمه لقومه فرأوه وعلموا فساد اعتقادهم ونطقت المرأة بالحق وأمر ملائكته حتى عبروا بهارون عليهم فرأوه غير مجروح فعلموا براءة موسى - عليه الصلاة واسلام - عن ما رموه بهوعلى الثاني فبرأه الله مما قالوا أي أخرجه عن عهدة ما طلبوا بإِعطائه البعض إياهم وإظهاره عدم جواز البعض وقطع حُجَجهم ثم ضرب عليهم الذّلَّةُ والسمكنة وغضب عليهم.
قوله :" عِنْد اللَّهِ " العامة على " عند " الظرفية المجازية، وابن مسعود والأعمش وأبو حَيْوة " عبداً " مِن العبودية " لله " جار ومجرور وهي حسنة قال ابن خالويه
٥٩٤


الصفحة التالية
Icon