صَلَّيْت خلف ابن شُنْبُوذ في رمضان فسمعته يقرأ بقراءة ابن مسعود هذه قال شهاب الدين : وكان مولعاً بِنَقْل الشاذة، ومَا في " مِمَّا قَالُوا " إمَّا مصدرية، وإما بمعنى الذي، " وَجِيهاً " كريماً ذَا جاهٍ، يقال وَجُهَ الرَّجُلُ يَوْجهُ وَجَاهَة فَهُوَ وَجيهٌ إذا كَانَ ذَا جَاهٍ وقَدْرٍ.
قال ابن عباس : كان خَظِيّاً عند الله لا يَسْأَلُ شيئاً إلاّ أعطاه وقال الحسن : اكن مستجاب الدعوة، وقيل : كان محبباً مقبولاً، واختلفوا فيما أُوذِيَ به موسى فروى أبُو هُرَيْرَةَ قال : قال رسول الله - ﷺ - :" إنّ موسى كان رجلاً حَيِياً سَتْراً لا يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ استحياء منه فَآذَاهُ مَنْ آذَاهُ من بني إسرائيل فقال : ما يستتر هذا التَّسَتُّر إلا من عيب بجلده إما بَرَص، وإما أدرة، وإمّا آفةٍ، وإن اللَّهَ أراد أن يُبْرِئَهُ مما قالوا فخلا يوماً وحده فخلع فوضَع يثابَهُ على حجر ثم اغْتَسَلَ فلما فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخذها وإن الحجر إدا بثوبه فأخذ موسى عصاه وطلب الحَجَر فجعل يقولُ ثوبي حَجَرٌ، ثوبي حجر حتى انتهى إلى ملأ من بني إسرائيل فرأوه عُرْيَاناً أحْسَنَ ما خلق الله وَأَبْرَأَةُ مِمَّا يَقُولُونَ وقام الحجر فأخذ ثوبه واستتر وطفق بالحجر يضربه بعصاه فواللَّه إن بالحجر لنَدْباً من أثر ضربه ثلاثاً أو أربعاً أو خَمْساً وقيل : لما مات هارون في التيه ادَّعوا على موسى أنه قتله فأمر الله الملائكة حتى مروا به على بني إسرائيل فعرفوا أنه لم يقتله ولم يروا ببدنه جرحاً، وقال أبو العالية : إن قارون استأجر امرأة لتقذف موسى بنفسها على رأس الملأ فعصمه الله وبرأ موسى وأهْلَكَ قَارُون، ورَوَى أبُو وَائلٍ قال : سمعت
٥٩٥
عبد الله قال :" قسم النبي - ﷺ - قَسْماً فقال رجل إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله فأتيت النبي - ﷺ - فأخبرته فغضب حتى رأيت الغضب في وجهه ثم قال " يَرْحَمُ اللَّهُ مُوسَى أَوذِيَ بأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ " قوله :﴿ يا أيها الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً﴾.
قال ابن عباس : صواباً، وقال قتادة عدلاً، وقال الحسن : صِدْقاً، وقيل : مستقيماً، وقال عكرمة : هو قول لا إله إلا الله ﴿يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾، قال ابن عباس : يتقبل حسناتكم، وقال مقاتل : يزكي أعمالكم ﴿وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً﴾ ؛ لأن النجاة من العذاب تعظيم بعظم العذاب فإن من أراد أن يضرب عبده سوطاً ثم نجا منه لا يقال : فاز فوزاً عظيماً، ويحتمل أنه أراد بالفوز العظيم الثواب الكبير الدائم الأبديّ.
قوله :﴿إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ﴾ وهذا إما حقيقة وإما تمثيل وتخييل.
وأراد بالأمانة الطاعة والفرائض التي فرضها الله على عباده عرضها على السموات والأرض
٥٩٦


الصفحة التالية
Icon