فصل وقُدُورٍ راسِيَات ثابتات لها قوائم لا يحرِّكْنَ عن أماكنها ولا يبدلن ولا يعطلن وكان يصعد إلهيا بالسلاليم وكانت باليمن.
قوله :﴿اعْمَلُوا ااْ آلَ دَاوُودَ شُكْراً﴾ في " شكراً " أوجه : أحدهما : أنه مفعول به أي اعملُوا الطَّاعَةَ سميت الصلاة ونحوها شكراً لسدِّها مَسَدَّهُ.
الثاني : أنه مصدر من معنى " اعْمَلُوا " كأنه قي : اشْكُرُوا شكراً بعَمَلِكُمْ أو اعملوا عَمَلَ شُكْر.
الثالث : أنه مفعول من أجله أي لأجل الشكر كقولك : جِئْتَكَ طَمَعاً، وعبدت الله رجاء غُفْرَانه.
الرابع : أنه مصدر موقع الحال أي شَاكِرينَ.
الخامس : أنه منصوب بفعل مقدر من لفظه تقديره واشْكُرُوا شُكْراً.
السَّادس : أنه صفة لمصدر اعملوا تقديره اعلمُوا عملاً شكراً أي ذَا شُكْرٍ قال المفسرون : معناه اعملوا يا آل داود بطاعة الله شكراً له على نعمة، والعم أن كما قال عقيب قوله (تعالى) ﴿َنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ﴾ ﴿وَاعْمَلُواْ صَالِحاً﴾ قال عقيبَ ما تعمله الجن له اعملا آل داود شكراً إشارة إلى ما تقدم من أنه لا ينبغي أن يجعل الإنسان نفسه مستفرقةً في هذه الأشياء، وإنما يجب الإكثار من العمل الصالح الذي يكون شُكْراً.
قوله :" وَقَلِيلٌ " خبر مقدم " ومِنْ عِبَادي " صفة له، " والشَّكُورُ " مبتدأ المعنى أن العامل بطاعتي شكراً لنعمتي قليلٌ.
قيل : المراد من آل داود هو داود نفسه، وقيل : داود وسليمان وأهل بيته.
٢٩
فصل قال جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمان : سمعت ثابتاً يقول : كان داود نبي الله - ﷺ - قد جزأ ساعات الليل والنهار على أهله فلم تكن تأتي ساعة من ساعات الليل والنهار إلا وإنسان من آل داود قائمٌ يُصَلِّي.
قوله :﴿فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْت﴾ أي على سليمان، قال أهل العلم : كان سليمان - عليه السلام - يتحرز ببيت المقدس السَّنَّة والسَّنَتَيْنِ والشهر والشهرين، وأقل من ذلك وأكثر يدخل فيه طعامه وشاربه فأدخله في المرة التي مات فيها وكان بدء ذلك أنه كان لا يصبح يوماً إلا نَبَتَتْ في محرابه ببيت المقدس شجرة فيسألها ما اسمك ؟ فتقول اسمي كذا فيقول : لأن شيء أنت ؟ فتقول : لكذا وكذا فيأمرها فتقطع فَإنْ كَانَتْ تنبت لغرس غرسها وإن كانت لدواء كتبه حتى نبتت الخروبة فقال لها ما أنت ؟ قال الخرّوبة قال : لأي شيء نَبَتْت ؟ قالت : لخراب مَسْجِدِك فقال سليمان : ما كان الله ليجزيه وأنا حي أنت الذي على وَجْهِك هلاكي وخراب بيت المقدس فنزعها وغرسها في حائط له ثم قال : اللَّهُمَّ عَمَّ على الجنِّ موتى حتى يعمل الناس أن الجن لا يعلمون الغيب وكانت الجن تخبر الإنس أنهم يعملمون من العيب أشياء ويعلمون ما في غد، ثم دخل المحراب فقام يصلي متكئاً على عصاه فمات قائماً وكان للمحراب كوى بني يديه وخلفه فكانت الجن تعمل تلك الأعمال فيحسبونه حياً فلا ينكرون خروجه إلى الناس لطول صلاته فمكثوا يأبون له بعد موته حولاً كاملاً حتى أكلت الأَرَضَةُ عَصَا سُلَيْمَان فخرَّ ميتاً فعلموا بموته، قال ابن عباس : فشكرت الجن الأرضة فهم يأتونها بالماء والطين في جوف الخشب فذلك قوله :﴿مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ﴾ " تَأكل منسأته " أي عصاه.
قوله :" تَأكُلُ " إما حال، أو مستأنفة وقرأ ابن ذَكْوَان منسأْتَهُ - بهمزة ساكنة
٣٠
ونافع وأبو عمرو بألف محضفة، والباقون بهمزة مفتوحة، والمِنْسَأةُ اسم آلة من نَسأَهُ أي أخَّرَهُ كالمكسحة والمِكْنَسة من نسأتُ الغنم أي زجرتها وستقتها، ومنه : نَسَأَ اللَّهُ في أجَلِهِ أي أَخَّره وفيها الهمزة وهو لغة تميم وأنشد : ٤١١٨ - أَمِنَ أَجْل حَبْلٍ لاَ أَبَاكَ ضَرَبْتَهُ
بمِنْسَأَةٍ قَدْ جَرَّ حَبْلُكَ أَحْبُلاَ
جزء : ١٦ رقم الصفحة : ٢٠
والألف) وهو لغة الحجاز وأنشد : ٤١١٩ - إذَا دَبَبْتَ عَلَى المِنْسَأةِ مِن كِبَرٍ
فَقَد تَبَاعَدَ عَنْكَ اللَّهْوُ وَالْغَزَلُ
فأما بالهمزة المفتوحة فهي الأصل لأن الاشتقاق يشهد له والفتح لأجل بناء مِفْعَلَةٍ كمِكَنَسَةٍ وأما سكونها ففيه وجهان : أحدهما : أنه أبدل الهمزة ألفاً كما أبدلها نافع وأبو عمرو وسيأتي، ثم أبدل هذه الألف همزة على لغة من يقول العَأَلَمُ والخَأتَمُ وقوله : ٤١٢٠ -...................
وخِنْدِفٌ هَامَةُ هَذَا العَألَمِ
ذكره ابن مالك قال شهاب الدين وهذا لا أدري ما حمله عليه كيف نعتقد أنه
٣١
هرب من شيء ثم يعود إليه وأيضاً فإنهم نصُّوا على أنه إذا أبدل من الألف همزة فإن ان لتلك الألف أصل حركت هذه الهمزة بحركة أصل الألف.
وأنشد ابن عصفور على ذلك : ٤١٢١ - وَلَّى نَعَامُ بَنِي صَفْوَانَ زَوْزَأَةً
.................................