القول والقول والكلام نحو : انْطَلَقَ لسانُه فان مفسرة له من غير تضمين ولا حذف.
والمشيُ الظاهرُ أنَّه هو المتعارف.
وقيل :(بل) هو دعاء بكثرة الماشية.
وهذا فاسد لفظاً بالألف ؛ أي صار ذا ماشية فكان ينبغي على أن يقرأ أَمْشُوا بقطع الهمزة مفتوحة.
وأما المعنى فليس مراداً البتة وأي معنى على ذلك، إلا أن الزمخشري ذكر وجهاً صحيحاً من حيث الصناعة وأقرب معنًى ممَّا تقدم(فقال) : ويجوز أنهم قالوا امشوا أي اكثروا واجتمعوا من : مَشَت المرأة إذا كثرتْ ولاَدَتُها، ومنه : الماشية للتفاؤل انتهى وإذا وقف على " أن " وابتدئ بما بعدها فليبتدأ بكسر الهمزة لا بضمِّها، لأن الثالث مكسرو تقديراً إذ الأصل : امْشِيُوا، ثم أُعِلّ بالحذف، وهذا كما يبتدأ بضم الهمزة في قولك : أُغْزِي يا امرأة، وإن كانت الزاي مكسورة لأنها مضمومة، إذا الأصل اعْزُوِي كاخْرُجِي فأعلّ بالحذف.
فصل لما أسلم عمر وحصل للمسلمين قوة لمكانه قال المشركون : إن هذا الذي نراه من زيادة أصحاب محمد - ﷺ - لشيء يراد بنا، وقيل : يراد بأهل الأرض، وقيل : يراد بمحمد (أن) يملك علينا، وقيل : إن دينكم لشيءٌ يُرَادُ أي يطلب ليؤخذ عنكم.
قوله :﴿مَا سَمِعْنَا بِهَـاذَا فِى الْمِلَّةِ﴾ أي ما سمعنا بهذا الذي يقولـ (ـه) محمد من التوحيد في الملة الآخرة، قال ابن عباس والكلبي ومقاتل : يعنون في النصرانية لأنها آخر المِلَلِ وهُمْ لا يوحدون بل يقولون : ثالثُ ثلاثةٍ، وقال مجاهد وقتادة : يعنون ملَّة قريشٍ دينهم الذي هم عليه.
٣٧٨
قوله :﴿فِى الْمِلَّةِ﴾ وفيه وجهان : أحدهما : أنه متعلق " بسَمِعْنَا " أي (لم نسمع في الملة الآخرة بهذا الذي جئت به.
والثاني : أنه متعلق بمحذوف على أنه حال من هذا أي ما سمعنا بهذا كائناً في الملة الآخرة) أي لم نسمع من الكُهَّان ولا من أهل الكتب أنه يحدث توحيد الله في الملة الآخرة.
وهذا من فَرْطِ كَذِبِهم.
قوله :﴿إِنْ هَـذَا إِلاَّ اخْتِلاَقٌ﴾ أي افتعال وكذب.
(قوله) : أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ (مِنْ بَيْنِنَا)، قد تقدم حكم هاتين الهمزتين في أوائل آل عمران، وأن الوارد منه في القرآن ثلاثى أماكن، والإضرابات في هذه الآية واضحة و " أم " منقطعة.
فصل المعنى أأنزل عليه الذكر أي القرآن من بيننا وليس بأكبرنا ولا أشرفنا، وهذا استفهام على سبيل الإنكار فأجابهم الله تعالى بقوله :﴿بْل هُمْ فَي شَكٍّ مِّن ذِكْرِي﴾ (أي وحيي وما أنزلتُ)، (قويل : بل هم في شك من ذكري) أي من الدلائل التي لو نظروا فيها لزال هذا الشك عنهم " بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ " ولو ذاقوه لما قالوا هذا القول، وقيل : معنى " بل هم في شك من ذكري " هو أن النبي - ﷺ - كان يخوفهم من عذاب الله لو أصروا على الكفر.
ثم إنهم أصروا على الكفر ولم ينزل عليهم العذاب فصار ذلك سبباً لشكهم في صدقه و ﴿قَالُواْ اللَّهُمَّ إِن كَانَ هَـذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً﴾ [الأنفال : ٣٢] (مِنَ السَّمَاءِ).
قوله :﴿أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ﴾ يعني مفاتيح نعمة ربك وهي النبوة يعطونها
٣٧٩
من شاءوا، ونظيره :﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ﴾ [الزخرف : ٣٢] أي نبوة ربك العزيز في ملكه الكامل القدر الوهاب أي وهاب النبوة لمحمد - ﷺ -.
قوله :﴿أَمْ لَهُم مٌّلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيَنَهُمَا﴾ لما قال :﴿أَمْ عِندَهُمْ خَزَآئِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ﴾ فخزائن الله تعالى غير متناهية كما قال :﴿وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ﴾ [الحجر : ٢١] ومن جملة تلك الخزائن السموات والأرض، فلما ذكر الخزائن أولاً على العموم أردفها بذكر السموات والرض وما بينهما يعني أن هذه الأشياء أحد أنواع خزائن الله فإذا كانوا عاجزين عن هذا القسم فبأن يكونوا عاجزين عن كل خزائن الله أولى.
قوله :﴿فَلْيَرْتَقُواْ﴾ قال أبو البقاء : هذا كلام محمول على المعنى أي إِن زعموا ذلك فليرتقوا، فجعَلَهَا جواباً لشرط مقدر.
وكثيراً ما يفعل الزمخشري ذلك، ومعنى الكلام إن ادَّعَوْا شيئاً من ذلك فليصعدوا في الأسباب التي توصلهم إلى السماء فليأتوا منها بالوحي إلى من يختارون.
قال مجاهد : أراد بالأسباب أبواب السماء وطرقها من سماء إلى سماء وكل ما يوصلك إلى شيء من باب أو طريق فهو سببه، وهذا أمر توبيخ وتعجيز واستدل حكماء الإسلام بقوله :﴿فَلْيَرْتَقُواْ فِى الأَسْبَابِ﴾ على أن الأجرام الفلكية وما أودع الله فيها من القوى والخواص أسباب لحوادث العالم السفلي لأن الله تعالى سمى الفلكيات أسباباً، وذلك يدل على ما ذكَرْنَا.
قوله :﴿جُندٌ﴾ يجوز فيه وجهان : أظهرهما : أنه خبر مبتدأ مضمر أي هم جند و " ما " فيها وجهان : أحدهما : أنها مزيدة.
والثاني : أنها صفة لجند على سبيل التعظيم للهزء بهم أو للتحقير ومثله قوله امرئ القيس :
٣٨٠
٤٢٥٢ -......................
وَحَدِيثٍ مَا عَلَى قَصْرِهِ


الصفحة التالية
Icon