الهواء بين السماء والأرض حتى يموت.
وقال مجاهد ومقاتل بن حيَّان كان يمد الرجل مستلقياً على الأرض ثم يسد يديه ورجليه ورأسه على الأرض بالأوتاد.
وقال السدي : كان يمد الرجل ويشده بالأوتاد ويرسل عليه العقاربَ والحيَّاتِ.
وقال قتادة وعطاء : كانت له أوتاد وأرسان وملاعب يلعب عليها بين يديه، ثم قال :﴿وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ﴾ تقدم الخلاف في الأيكة في سورة الشعراء.
قوله :﴿أُوْلَـائِكَ الأَحْزَابُ﴾ يجوز أن تكون مستأنفةً لا محل لها (من الإعراب) وأن تكون خبراً، والمبتدأ قال أبو البقاء (من) قوله :" وعاد " وأن يكون من " ثمود " وأن يكون من قوله " وقوم لوط ".
قال شهاب الدين : الظاهر عطف (عاد) وما بعدها على " قوم نوح " واستئناف الجملة بعده، وكان يسوغ على ما قاله أبو البقاء أن يكون المبتدأ وحده ﴿وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ﴾.
فصل المعنى أن هؤلاء الذين ذكرناهم من الأمم هم الذين تحزبوا على أنبيائهم فأهلكناهم وكذلك قومك هم من جنس الأحزاب المتقدمين.
وقيل : المعنى أولئك الأحزاب مع كمال قوّتهم لما كان عاقبتهم هي الهلاك والبوار فكيف حال هؤلاء الضعفاء (المساكين) ؟ قوله :﴿إِن كُلٌّ إِلاَّ كَذَّبَ الرٌّسُلَ﴾ إن نافية ولا عمل لها هنا البتة ولو على لغة من قال :
٣٨٤
٤٢٥٧ - إنْ هُوَ مُسْتوْلِياً عَلَى أَحَدٍ
.....................
جزء : ١٦ رقم الصفحة : ٣٨٢
وعلى قراءة :﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ﴾ [الأعراف : ١٩٤] لانتقاض النفي بـ " إلاّ " فإن انتقاضه مع الأصل وهي " ما " مبطل فكيف بفرغها ؟ وقد تقدم أنه يجوز أن تكون جواباً للقسم.
فصل المعنى كل هذه الطوائف لما كذبوا أنبياءهم في الترغيب والترهيب لا جرم نزل العقاب عليهم وإن كان ذلك بعد حين، والمقصود منه زجر السامعين.
ثم بين تعالى أن هؤلاء المذكبين وإن تأخر هلاكهم فكأنه واقع بهم ﴿وَمَا يَنظُرُ هَـاؤُلآءِ﴾ أي وما نتظر هؤلاء يعني كفار مكة ﴿إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً﴾ وهي نفخة الصور الأولى كقوله :﴿مَا يَنظُرُونَ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأُخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلاَ إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ﴾ [يس : ٤٩ - ٥٠] والمعنى أنهم وإن لم يذوقوا عذابي في الدنيا ينتظر الشيء فهو ماد الطَّرْف إليه يقطع كل ساعة في حضوره.
وقيل : المراد بالصيحة عذاب يفجأهُمْ ويجيئهم دَفْعةً واحدة كما يقال : صَاحَ الزمانُ بهم إذَا هَلَكُوا (قال) : ٤٦٥٨ - صَاحَ الزَّمَانُ بآلِ بَرْمَكَ صَيْحَةً
خَرُّوا لِشدَّتِهَا عَلَى الأّذْقَانِ
ونطيره قوله تعالى :﴿فَهَلْ يَنتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا ااْ إِنَّي مَعَكُمْ مِّنَ الْمُنْتَظِرِينَ﴾ [يونس : ١٠٢].
قوله :﴿مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ﴾ يجوز أن يكون " لها " رافعاً " لِمنْ فَوَاقٍ " بالفاعلية ؛ لاعتماده
٣٨٥
على النفي، وأن يكون جملة من مبتدأ وخبر وعلى التقديرين فالجملة المنفية في محل نصب صفة " لصَيْحَة " و " من " مزيدة وقرأ الأخوان :" فُوَاق " بضم الفاء، والباقون بفَتْحها، قال الكسائيُّ والفراءُ وأبو عبيدة : هما لغتان وهما الزمان الذي بين حَلْبَتَي الحَالِبِ، ورَضْعَتَي الرَّاضع، والمعنى ما لها من توقف قدر فواق ناقة.
وفي الحديث :" العِيادَةُ قَدْر فَوَاق نَاقَةٍ " وهذا في المعنى كقوله :﴿فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً﴾ [الأعراف : ٣٤].
وقال ابن عباس : ما لها من رُجُوع من أفاقَ المريضُ إذا رجع إلى صحته وإفاقة الناقة ساعة يرجع اللبن إلى ضرعها يقال : أَفَاقَتِ النَّاقَةُ تُفِيقُ إفاقة رجَعَت الفِيقَةُ في ضَرعها، والفِيقةُ اللبن الذي يجتمع بين الحلبتين، ويجمع على أفواق وأما أفاويق فجمع الجمع، ويقال : ناقة مُفِيقٌ ومُفِيقَةٌ.
وقال الفراء وأبو عُبَيْدَة ومؤرّج السّدوسيّ : الفواق بالفتح الإفاقة والاسْتِراحة كالجواب من الإجابة وهو قول ابن زيدٍ والسُّدِّيِّ.
وأما المضموم فاسم لا مصدر أي اسم لما بين الحَلْبَتَيْن، والمشهور أنهما بمعنى واحد كقَصَاصٍ الشّعر وقُصاصِهِ وجَمَام المَكُور وجُمَامِهِ، فالفتح لغة قريش،
٣٨٦