٤٢٧٧ - حَتَّى إذَا مَا أَضَاءَ الْبَرْقُ فِي غَلَسٍ
وَغُودِرَ البَقْلُ مَلْوِيٌّ ومَحْصُودُ
جزء : ١٦ رقم الصفحة : ٤٣٩
أي منه ملويٌّ ومنه محصود.
الثالث : أن يكون " هذا " مبتدأ والخبر محذوف أي هذا كَمَا ذُكِرَ أو هذا للطاغين.
الرابع : أنه خبر مبتدأ مضمر أي الأمر هذا ثم استأنف أمراً فقال " فَلْيَذُوقُوهُ ".
الخامس : أن يكون مبتدأ خبره فليذوقوا وهو رأي الأخفش ومنه :
٤٢٧٨ - وَقَائِلَةٍ خَوْلاَنُ فَانْكِحْ فَتَاتَهُمْ
وتقدم تحقيق هذا عند قوله :﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا ااْ﴾ [المائدة : ٣٨] وقرأ الأَخَوانِ وحفصٌ غَسَّاق بتشديد السين هنا وفي ﴿عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ﴾ [النبأ : ١] وخَفَّفَهُ الباقون فيها فأما المثقل فهو صفة كالجّبَّار والضَّرَاب مثال مبالغةٍ وذلك أن " فَعَّالاً " في الصفات أغلب منه في الاسم ومِنْ وُرُودِهِ في الأسماء الكلاَّء والحَبَّان والفَيًَّاد لذَكَر البوم والعَقَّار والخَطَّار وأما المخفف فهو اسم لا صفة لأن فَعَالاً بالتخفيف في الأسماء كالعَذَاب والنَّكَال أغلب منه في الصفات على أنَّ منْهُمْ من جعلَهُ صفةً بمعنى " ذو كذا " أي ذِي غَسَق، وقال أبو البقاء أو يكون " فَعَّال " بمعنى
٤٤١
فَاعِلٍ.
قال شهاب الدين : وهذا غير معروفٍ.
فصل قيل : هذا على التقديم والتأخير والتقدير : هذا حميمٌ وغَسَّاق (فَليَذُوقُوهُ، وقيل : التقدير : جهنم يصلونها فبئس المهاد هذا فليذوقوه ثم يبتدئ فيقوله : حَمِيمٌ وغَسَّاق أي منه حميم وغساق) والغَسَقُ السَّيَلاَنُ، يقال : غَسَقَتْ عَيْنهُ أي سَالَتْ، قال المفسرون : إنه ما يسيل من صديدهم، وقيل : غسق أي امتلأ، ومه غسبقت عينه أي امتلأت بالدمع ومنه الغَاسِق للقمر لامتلائه وكماله.
وقيل : الغَسَّاق ما قَتَلَ ببردِهِ، ومنه قيل : لليل : غاسِقٌ، لأنه أبرد من النهار، (و) قال ابن عباس : هو الزَّمْهَريرُ يحرقهم ببرده كما تحرقهم النار بحرِّها.
وقال مجاهد وقتادة : هوا لذي انتهى برده، وقيل : الغسق شدة الظلمة ومنه قيل للَيل غاسق، ويقال للقمر غاسق إذا كسف لا سُوِدَادِهِ، والْقَولان منقوللان في تفسير قوله تعالى :﴿مِن شَرِّ مَا خَلَقَ﴾ [الفلق : ٢] وقيل : الغساق : المنتن بلغة الترك وحكى الزاج :" لو قَطَرَتْ منه قطرة بالمغرب لأَنْبَنَتْ أهل المشرق " وقال ابن عُمَر : هوا لقيح الذي يسيل منهم يجتمع فيُسْقَوْنَهُ، قال قتادة : هو ما يَغْسِقُ أي يسيل من القيح والصَّديد من جلودها أهل النار ولحومهم وفروج الزناة من قولهم : غَسَقَتْ عَيْنُهُ إذا انْصَبَّتْ والغَسَقَانُ الانْصَابُ، قال كعب : الغَسّاق عينٌ في جهنم يسيل إليهم كل ذوات حية وعقرب.
قوله :﴿وَآخَرُ﴾ قرأ أبو عمرو بضم الهمزة على أنه جمع وارتفاعه من أوجهٍ : أحدها : أنه مبتدأ و " مِنْ شكْلِهِ " خبره، و " أَزْوَاجٌ " فاعل به.
الثاني : أن يكون مبتدأ أيضاً و " مِنْ شَكْلِهِ " خبر مقدم، و " أزواج " مبتدأ.
والجملة خبره، وعلى هذين القولين فيقال : كيف يصحُّ من غير ضمير يعود على " آخر " فإن
٤٤٢
الضمير في " شكله " يعود على ما تقدم أي من شكل المذوق ؟ والجواب أن الضمير عائد على المبتدأ وإنما أفرد وذكر لأن المعنى من شكل ما ذكرنا.
ذكر هذا التأويل أبُو البَقَاء.
قود منعَ مَكِّيٌّ ذلك لأجل الخُلُوِّ من الضمير وجوابه ما ذكرنا.
الثالث : أن يكون " مِنْ شَكْلِهِ " نعتاً " لآخر " و " أزواج " خبر المبتدأ أي، " آخر من شكله المذوق أزواج ".
الرابع : أن يكون " مِنْ شَكْلِهِ " نعتاً أيضاً، و " أزواج " فاعل به والضمير عائد على " آخر " بالتأويل المتقدم وعلى هذا فيرتفع " آخر " على الابتداء، والخبر مقدر أي ولهم أنواع أخرُ استقر من شكلها أزواج.
الخامس : أن يكون الخبر مقدراً كما تقدم أي ولهم آخر و " مِنْ شَكْلِهِ " و " أزواج " صفتان لآخر، وقرأ العامة " من شَكْله " بفتح الشين، وقرأ مجاهد بكسرها وهما لغتان بمعنى المثل والضرب.
تقوله : هذَا عَلَى شَكْلِهِ أي مثله وضربه وأما الشِّكْل بمعنى الغنج فبالكسر لا غير.
قاله الزمخشري وقرأ البَاقُونَ وآخر بفتح الهمزة عليه من غير تأويل لأنه مفرد إلا أن في أحد الأوجه يلزم الإخبار عن المفرد بالجمع أو وصف المفرد بالجمع لأن من جملة الأوجه المتقدمة أن يكون " أزواج " خبراً عن " آخر " أو نعت له كما تقدم.
وعنه جوابان : أحدهما : أن التقدير وعذاب آخر أوم ذوق آخر، وهو ضروب ودرجات فكان في قوة الجمع أو يجعل كل جزء من ذلك الآخر مثل الكل وسماه باسمه وهو شائع كثير نحو غَلِيظ الحَوَاجب وشابت مفارقه.
٤٤٣


الصفحة التالية
Icon