سورة الزمر
جزء : ١٦ رقم الصفحة : ٤٦٣
قوله تعالى :﴿تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ في " تنزيل وجهان : أحدهما : أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره هذا تنزيل وقال أبو حيان : وأقول : إنه خبر والمبتدأ " هو " ليعود على قوله :﴿إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ﴾ [يوسف : ١٠٤] كأنه قيل : وهذا الذكر ما هو ؟ فقيل : هو تنزيلُ الكِتَابِ.
الثاني : أنه مبتدأ، والجار بعده خبره أي تَنْزِيلُ الكتاب كَائِنٌ من الله، وإليه ذهب الزَّجَّاج والفراء.
قال بعضهم : وهذا أولى من الأول ؛ لأن الإضمار خلاف الأصل فلا يصار إليه إلا
٤٦٤
لضرورةٍ، وأيضاً فإنًّا إذا قلنا :﴿تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ﴾ جملة تامة من المبتدأ والخبر أفاد فائدةً شريفة وهي تنزيل الكتاب يكون من الله لا من يره، وهذا الحصر معنى مُعْتَبَرٌ، وإذا أضمرنا المبتدأ لم تَحْصُلُ هذه الفائدة، وأيضاً فإنا إذا أَضْمَرْنَا المبتدأ صار التقدير : هذا تنزيلُ الكتاب، وحينئذ يلزم مجاز آخر لأن هذا إشارة إلى السورة وهي ليست نفس التنزيل بل السورة منزلة فيحنئذ يحتاج إلى أن يقول : المراد منه المفعول وهو مجاز تحملناه لا لضرورة.
قوله :﴿مِنَ اللَّهِ﴾ يجوز فيه أوجه : أحدها : أنه مرفوع المحل خبر التنزيل كما تقدم.
الثاني : أنه خبر بعد خبر إذا جعلنا تَنْزِيل خبر مبتدأ مضمر، كقولك : هَذَا زَيْدٌ مِنْ أهْلِ العِرَاقِ.
الثالث : أنه خبر مبتدأ مضمر أي هَذَا تنزيل هذا من الله.
الرابع : أنه متعلق بنفس " تنْزِيلٍ " إذا جعلناه خبر مبتدـ مضمر.
الخامس : أنه متعلق بمحذوف على أنه حال من " تَنْزِيلٍ " عَمِلَ فيه اسم الإشارة المقدرة قاله الزمخشري.
قال أبو حيان : ولا يجوز أن يكون حالاً عمل فيها معنى الإشارة ؛ لأن معاني الأفعال لا تعمل إذا كان ما هي فيه محذوفاً، ولذلك ردوا على أبي العباس قوله في بيت الفرزدق : ٤٢٨٧ -.......................
..........
وَإِذْ مَا مِثْلَهُمْ بَشَرُ