الروحُ ولذلك لم يخفف ههنا.
والعامة على مَيّت وميّتون، وقراءة ابن مُحَيْصِنٍ وابن أبي عبلة واليماني : مَائِتٌ ومَائِتُونَ، وهي صفة مشعرة بحدوثها دون مَيّت، وقد تقدم أَنه لا خلاف بين القراء في تَثْقِيل مثْلِ هذا.
فصل والمراد أن هؤلاء الأقوام وإن لم يلتفتوا إلى هذه الدلائل القاهرة لأجل الحسد فلا تبال يا محمد بهذا فإنك ستموت وهم أيضاً يموتون " ثُمَّ إنَّكُمْ " تحشرون يوم القيامة وتختصمون عند الله تعالى والعادل الحق بينكم فيوصل إلى كل أحد حقه وحينئذ يتميز المحق من المبطل.
ثم إنه تعالى بين نوعاً آخر من قابئح أفعالهم وهم أنهم يكذبون ويضمون إليه أنهم يذكبون القائل المحق أما كذبهم فهو أنهم أثبتوا لله ولداً وشركاء، وأما تكذيبهم الصادق فلأنهم يكذبون (القائل المحق) محمداً - ﷺ - بعد قيام الدلائل القاطعة على كونه صادقاً في ادِّعاء النُّبُوة، ثم أردفه بالوعيد فقال :﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ﴾ أي منزل ومقام للكافرين، وهذا استفهام بمعنى التقرير.
ولما ذكر (الله) من افترى على الله الكذب أو كذب بالحق ذكر مقابلهُ وهو الذي جاء بالصِّدْق وصدَّق به، وقوله :﴿وَالَّذِي جَآءَ بِالصِّدْقِ﴾ لفظ مفرد، ومعناه جَمْع لأنه أريد به الجنسُ، وقيل : لأنه قصد به الجزاء وما كان كذلك كثر فيه وقوع :" الذي موقع " الذين " ولذلك رُوعِيَ معناه فجمع في قوله :﴿أُوْلَـائِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ كما روعي معنى " مَنْ " في قوله :﴿لِّلْكَافِرِينَ﴾ فإن " الكافرين " ظاهرةٌ واقعٌ مَوْقع المضمر ؛ إذ الأصل مَثْوّى لَهُمْ وقيل : بل الأصل : والذين جاء بالصدق فحذفت النون تخفيفاً كقوله :﴿كَالَّذِي خَاضُوا ااْ﴾ [التوبة : ٦٩] وهذا وَهَم ؛ إذٍ لو قصد ذلك لجاء بعده ضمير الجمع فكان يقال : والِّذِي جَاءُوا، كقوله :﴿كَالَّذِي خَاضُوا اا﴾ [التوبة : ٦٩] ويدل عليه أن نون التثنية إذا حذفت عاد الضمير مثنًّى كقوله :
٥١٢
٤٣٠٠ - أَبَنِي كُلَيْبٍ إنَّ عَمَّيَّ اللَّذَا
قَتَلاَ الْمُلُوكَ وَفَكَّكَا الأَغْلاَلاَ
جزء : ١٦ رقم الصفحة : ٥١١
ولَجَاء كقوله : ٤٣٠١ - [و] إنَّ الِّذِي حَانَتْ بِفلْجٍ دَمَاؤُهُمْ
هُمُ القَوْمُ كُلُّ الْقَوْمِ يَا أُمَّ خَالِدِ
وقرأ عبد الله :" والَّذِي جَاءُوا بالصِّدْقِ وَصَدَّقُوا بِهِ " وقد تقدم تحقيق نظير الآية في أوائل البقرة وغيرها : وقيل :" الذي " صفة لموصوف محذوف بمعنى الجمع تقديره والفريق أو الفوج، ولذلك قال :﴿أُوْلَـائِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾ وقيل : المراد لذي واحد بعينه وهو محمد - ﷺ - ولكن لما كان المراد هو وأتباعه ذلك فجمع واحد فقال :﴿أُوْلَـائِكَ هُمُ﴾ كقوله :﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ﴾ [المؤمنون : ٤٩] قاله الزمخشري، وعبارته : هو رسول الله - ﷺ - أرد به إياهُ وَمَنْ تَبِعَهُ كما أراد بموسى إياهُ وَقَوْمَهُ، وناقشه أبو حيان في إيقاعِ الضمير المنفصل موقع المتصل، قال : وإصلاحه أن يقول : وأراده به كما أرادهُ بموسى وقومه، قال شهاب الدين : ولا مناقشة لأنه مع تقديم " به " و " بموسى " لغرض من الأغراض استحال اتِّصال الضمير، وهذا كالبحث في قَوِلِهِ تعالى :﴿وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ﴾ [النساء : ١٣١] وقوله :
٥١٣