" شَفْعٌ ".
على أن الخليل قال في قولهم : ما يَحْسُنُ بالرجل (مِثْلِكَ أنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، وما يَحْسُنُ بالرجل) خير منك أنه على نية الألف واللام كما كان الجَمَّاء الغفير على نية طرح الألف واللام، ومما سهل ذلك الأمن من اللبس وجهالة الموصوف.
قال أبو حيان : ولا ضرورة إلى حذف " آل " من " شديد العقاب " وتشبيهه بنادر مغير وهو تثنية الوَتْر لأجل الشفع فيتنزه كتاب الله عن ذلك.
قال شهاب الدين : أما الازدواج وهو المشاكلة من حيث هو فإنه واقع في القرآن وقد مضى منه مواضع.
وقال الزمخشري أيضاً : ويجوز أن يقال : قد تعمد تنكيره وإبهامه للدلالة على فرط الشِّدَّةِ على ما لا شيء أدْهَى منه وَأَمرّ لزيادة الإنذار.
ويجوز أن يقال : هذه النكتة هي الداعية إلى اختيار البدل على الوصف إذا سلكت طريق الإبدال انتهى.
وقال مكي : يجوز في " غافر وقابل " البدل على أنهما نكرتان لا ستقبالهما والوصف على أنهما معرفتان لمُضِيِهِمَا.
وقال ابن الخطيب لا نزال في جعل " غافر " صفة، وإنما كانا كذلك لأنهما يفيدان معنى الدوام والاستمرار فكذلك (شديد العقاب) يفيد ذلك لأن صفاته منزهة عن الحدوث والتجدد فمعناه كونه بحيث شديد عقابه، وهذا المعنى حاصل أبداً لا يصوف بأنه حصل بعد أن لم يكن قال أبو حيان : وهذا كلام من لم يقف على علم النحو ولا نظر فيه ويلزمه أن يكون " حَكيٍمٌ عَلِيمٌ " و " مَلِيكٌ مُقْتَدِرٌ " معارف لتنزيه صفاته عن الحدوث والتجدد، ولأنها صفاتٌ لم تَحْدُثْ لم تحصل بعد أن لم تكن ويكون تعريف صفاته بأل وتنكيرها سواء، وهذا لا يقوله مبتدىءٌ في علم النحو
بَلْه أن يًصَنّفَ فيه ويقدم على تفسير كتاب الله تعالى.
وقد سُرِدَتْ هذه الصفات كلياً من غير عاطف إلا " قابل التوت " قال بعضهم : وإنما عطف لاجتماعهما وتلازمهما وعدم انفكاك أحدهما عن الآخر وقطع " شديد " عنهما فلم يعطف لانفراده.
قال أبو حيان : وفيه نزعة اعتزالية، ومذهب أهل السنة جواز الغفران للعاصي وإن لم يتب إلا الشرك.
قال شهاب الدين : وما أبعده عن نزعة الاعتزالية.
ثم أقول : التلازم لازم من جهة أنه تعالى متى قَبِلَ التوبة فقد غفر الذنبل وهو كَافٍ في التَّلاَزُم.
قال الزمخشري فإن قلتَ : ما بال الواو في قوله :" وَقَابِلِ التَّوْبِ " ؟ قلتُ : فيها نكتة جليلة وهي إفادة الجمع المذنب والتائب بين رحمتين بين أن يقبل توبته فيقبلها فيكتبها له طاعة من الطاعات وإن لم يجعلها مَحَّاءَةً للذنبوب كمن لم يذنب كأنه قال : جامعُ المغفرة والقبول أنتهى.
وبعد هذا الكلام الأنيق وإبراز هذه المعاني الحسنة قال أبو حيان : وما أكثر تَهَجُّحَ هذا الرجل وشَقْشَقَتَه، والذي أفاد : أن الواو للجمع وهذا معروف من ظاهر علم النحو.
قال شهاب الدين : وقد أنشدني بعضهم رحمه الله : ٤٣١٨ـ وَكَمْ مِنْ عَائِبٍ قَوْلاً صَحِيحاً
وآفَتُهُ مِنَ الفَهْمِ السَّقِيمِ
جزء : ١٧ رقم الصفحة : ٣
وآخر) : ٤٣١٩ـ قَدْ تُنْكِرُ العَيْنُ ضَوْءَ الشَّمْسِ مِنْ رَمَدٍ
وَيُنْكِرُ الفَمُ طَعْمَ المَاءِ مِنْ سَقَمِ
والتَّوْبُ (يحتمل) أن يكون اسماً مفرداً مراداً به الجِنس كالذَّنْب، وأن يكون