مشي الأناس على الأرض.
وروى العبَّاس ـ (رضي الله عنه) ـ أن رسول الله ـ ﷺ ـ قال :" فوق السماء السابعة بحر (بين) أسفله وأعله كما بين السماء والأرض، ثم فوق ذلك ثمانية أوعاٍ بين رُكَبِهِنَّّ وأَضلاَفِهِنَّ كما بين السَّمَاءِ والأرْضِ، ثُمَّ فَوْقَ ذَلِك العَرْش...
" الحديث.
قوله :" وَمَا بَثَّ " يجوز أن تكون مجرورة المحل عطفاً على " السموات " أو مرفوعته عطفاً على " خلق "، على حذف مضاف أي وخلق ما بثَّ.
قاله أبو حيان.
وفيه نظر ؛ لأنه يئول إلى جره بالإضافة " لِخَلق " المقدر فلا يعدل عنه.
قوله :" إذَا يَشَاءَ " " إذَا " منصوبة " بجَمْعِهِمْ " لا " بِقَدِيرٍ "، قال أبو البقاء : لأن ذلك يؤدي إلى أن يصير المعنى : وهو على جمعهم قدير إذا يشاء، فتتعلق القدرة بالمشيئة وهو محال.
قال شهاب الدين : وَلاَ أدري ما وجه كونه محالاً على مذهب أهل السنة، فإن كان يقول المعتزلة، وهو القدرة تتعلق بما لم يشأ الله مشى كلامه، ولكنه مذهب رديء لا يجوز اعتقاده.
ونقول : يجوز تعلق الظرف به أيضاً.
قال الزمخشري :" إذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ "، والمقصود أنه تعالى خلقها لا لعجز ولا لمصلحة ولهذا قال :﴿وَالْلَّيْلِ إِذَا يَغْشَى ﴾ [الليل : ١]ٍ، يعنى الجمع والحشر والمحاسبة.
فصل احتج الجبَّائيُّ بقوله : إذا يشاء قدير على أن مشيئة الله تعالى محدثةٌ، قال : لأن كلمة " إذا " ظرف لما (لم) يستقبل من الزمان ولكمة " يَشَاءُ " صيغة المستقبل فلو كانت مشيئته تعالى قديمة لم يكن لتخصيصها بذلك الوقت المستقبل فائدة، ولما دل قوله :" إذَا يَشَاءُ " على التخصيص علمنا أن مشيئته تعالى محدثة.
وأجيب : بأن هاتين الكلمتين كما دخلتا على المشيئة فقد دخلتا أيضاً على لفظ " القَدِير " فلزم على هذا أن تكون قدرته صفة محدثة، ولما كان هذا باطلاً فكذا القول في المشيئة.
١٩٩
قوله :﴿وَمَآ أَصَابَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ قرأ نافع وابن عامر بما كسبت بغير فاء، الباقون بالفاء " فما " في القراءة الأولى الظاهر أنها موصولة بمعنى الذي، والخبر الجار من قوله " بما كسبت ".
وقال قوم منهم أبو البقاء : إنها شرطية حذفت منها الفاء، قال أبو البقاء : كقوله تعالى :﴿وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾ [الأنعام : ١٢١] وقول الآخر : ٤٣٨٢ـ مَنْ يَفْعَل الحَسَنَاتِ اللهُ يَشْكُرُهَا
...........................
جزء : ١٧ رقم الصفحة : ١٩٨
وهذا ليس مذهب الجمهور، إنما قال به الأخفش وبعض البغداديِّين، وأما قوله :" إنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ " فلي جواباً للشرط، إنما هو جواب لقسم مقدر حذفت لامه الموطِّئة قبل أداة الشرط.
وأما القراءة الثانية، فالظاهر أنها فيها شرطية.
وقال أبو البقاء : إنَّه ضَعيفٌ ولا يلتفت إلى ذلك.
ويجوز تكون موصولة، والفاء داخلة في الخير تشبيهاً للموصول بالشرط بشروط مذكورة في هذا الكتاب.
وقد وافق نافع وابن عامر مصاحفهما، فإن الفاء ساطقة من مصاحف المدينة والشام، وكذلك الباقون، فإنها ثابتة في مصاحف مكَّة والعراق.
فصل اختلفوا فيما يحصل في الدنيا من الآلام والأسقام، والقَحط، والغَرَق، والمصائب هي هي عقوبات على ذنوب سلفت أم لا ؟ فمنهم من أنكر ذلك لوجوه : الأول : قوله تعالى :﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ﴾ [غافر : ١٧] بيّن تعالى أن ذلك إنما يحصل يوم القيامة وقال تعالى :﴿مَـالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ [الفاتحة : ٤] أي يوم الجزاء، وأجمعوا على أن المراد منه يوم القيامة.
الثاني : مصائب الدنيا يشترك فيها الزنديق، والصِّدِّيق، فيمتنع أن يكون عقوبة على
٢٠٠


الصفحة التالية
Icon