بـ " إله " لأنه بمعنى معبود في السماء معبود في الأرض، وحينئذ فيقال :(إنَّ) الصلة لا تكون إلا جملة، أو ما في تقديرها وهو الظرف وعديله.
ولا شيء منها هُنَا.
والجواب : أن المبتدأ حذف لدلالة المعنى عليه، ولأن المحذوف هو العائد، تقديره : وَهُوَ الَّذِي هُوَ فِي السَّمَاءِ إلهُ، وَهُوَ فِي الأَرْضِ إلَهُ، وإنما حذف لطول الصلة بالمعممول، فإن الجار متعلق " بإلَهٍ " ومثله : مَا أَنَا بالَّذِي قَائِلٌ لَكَ سُوءاً وقال أبو حيان : وحسنه طوله بالعطف عليه كما حسن في قولهم :" قَائِلٌ لَكَ شَيْئاً " طولُه بالمعمول.
قال شهاب الدين : حصوله في الآية، وفيما حكاه سواء، فإن الصلة طالت بالمعمول في كليهما والعطف أمر زائدٌ على ذلك، فهو زيادة في تحسين الحذف.
ولا يجوز أن يكون الجارُّ خبراً مقدماً و " إله " مبتدأ مؤخراً، لئلا تَعْرَى الجملةُ من رابطٍ ؛ إذ يصير نظير " جَاءَ الَّذِي فِي الدَّارِ زَيْدٌ " فإن جعلت الجار صِلةً، وفيه ضمير عائد على الموصول وجلعت " إله " بدلاً منه، فقال أبو البقاء :" جاء على ضعفه ؛ لأن الغرض الكلي إثبات الإلهية، لا كونه في السموات والأرض فكان يفسد أيضاً من وجه آخر، وهو قوله :﴿وَفِي الأَرْضِ إِلَاهٌ﴾ ؛ لأنه معطوف على ما قبله، وإذا لم يقدر ما ذكرنا صار منقطعاً عنه، وكان المعنى أنه في الإرض إله ".
انتهى.
وقال أبو علي : نظرت فيما يرتفع به " إله " فوجدت ارتفاعه يصح بأن يكون خبر مبتدأ محذوف، والتقدير هُوَ الَّذِي في السماء هُو إله.
وقال أبو حيان : ويجوز أن تكون الصلة الجار والمجرور، والمعنى أنه فيهما بإلهيَّته، ورُبُوبِيَّته ؛ إذ يستحيل حمله على الاستقرار، وقرأ عُمَرُ، وعَلِيٌّ، وعبدُ الله في جماعةٍ وهو الذي في السماء اللهُ ضمَّن العلم أيضاً معنى المشتق فيتعلق به الجار ومثله : هُوَ حَاتِمٌ فِي طَيّىءٍ.
أي الجواد فيهم.
ومثله : فرعونُ العَذَابُ.
٢٩٩
فصل قال ابن الخطيب : وهذه ألآية من أدل الدلائل على أنه تعالى غير مستقر في السماء لأنه تعالى بين في هذه الآية أن نسبته بإلهيته السماء كنسبته إلى الأرض، فلما كان إلهاً للأرض مع أنه غير مستقر فيها فكذلك وجب أن يكون إلهاً للسماء مع أنه لا يكون مستقراً فيها.
فإن قيل : أيُّ تعلق لهذا الكلام ينفي الولد عن الله عزّ وجلّ ؟ فالجواب : تَعَلُّقُه به أنه تعالى خالق عيسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ بمحض كُنْ فَيَكُون من غير واسطة النطفة والأب فكأنه قيل : إن كان هذا القدر لا يوجب كون عيسى ولداً للهِ عزّ وجلّ ؛ لأن هذا المعنى حاصل في تخليق السموات والأرض مع انتفاء حصول الولد به هناك.
ثم قال :﴿وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ﴾ الحيكم في تدبير خلقه العليم بِمَصَالِحِهِمْ.
وقد تقدم في سورة الأنعام أن كونه حكيماً عليماً ينافي حصول الولد له.
قوله :" تَبَاركَ " إما أن يكون مشتقاً من وجوب البقاء، وإما من كثرة الخير، وعلى التقديرين فكل واحد من الوجهين ينافي كون عيسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ واجبَ البقاء والدوام ؛ لأنه حدث بعد أن لَمْ يَكُنْ ثم عند النصارى أنه قُتل ومَاتَ ومن كان كذلك لم يكن بنيه وبين الباقي الأزلي الدائم مجانسة ومشابهة فامتنع كونه ولداً له، وإن كانَ المرادُ بالبركة كثرةَ الخيرات مثل كونه خالقاً للسموات والأرض وما بينهما فَعِيسى لم يكن خالقاً لهما مع أن اليهود عندهم أخذوه وقتلوه وصلبوه، والذي هذا صفته كيفل يكون ولداً لمن كان خالقاً للسَّمَوات والأرض وما بينهما ؟ ثم قال :﴿وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾ والمقصود منه التنبيه على أن كل من كان كاملاً في الذات، والعلم، والقدرة على الوصف المشروح فإنه يمتنع أن يكون ولده في العجز وعد القدرة عن أحوال العالم بالحد الذي وصفته النصارى به.
قوله :﴿وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ قرا الأَخَوانِ، وأبنُ كثير بالياء من تحت، والباقون بالتاء من فوق وهو في كلاهما مبني للمفعول.
وقرىء بالخطاب مبنياً للفاعل.
٣٠٠


الصفحة التالية
Icon