قال ابن عباس ـ (رضي الله عنهما) ـ وادٍ بين عمان ومَهْرة.
وقال مقاتل : كانت منازل عاد باليمن في حضرموت، بموضع يقال له : مَهْرَةَ إليها تنسب الإبل المَهْرِيَّة، وكانوا أهل عُمُد سيارة في الربيع فإذا العُود رَجَعُوا إلى منازلهم وكانوا من قبيلة إرَم، وقال قتادة : ذكر لنا أن عاداً كانوا حياً من اليمن كانوا أهل رمل مشرفين على البحر، بأرض يقال لها الشِّحْر.
قوله :﴿وَقَدْ خَلَتِ﴾ يجوز أن يكون حالاً من الفاعل، أو من المفعول والرابط الواو، والنُّذُر جمع نَذِيرٍ ويجوز أن يكون معترضة بين " أَنْذَرَ " وبين " أَنْ لا تَعْبُدُوا " أي أنذرهم بأن لا.
وقوله :﴿مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ﴾ أي مضت الرسل من قبل هود ومن خلفه أي بعده.
(والمعنى أعلمهم أن الرسل الذي بعثوا قبله والذين يبعثون) بعده كلهم منذرون نحو إنذاره.
فصل قال المفسرون : إن هُوداً ـ عليه الصلاة والسلام ـ كان قد أنذرهم وقال : أن لا تعبدوا إلا الله إنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم العذاب قالوا جئتنا لتأفكنا " أي لتصرفنا " عَنْ آلِهَتِنَا أي عن عِبَادَتِهَا، والإفْكُ الصَّرْفُ، يقالُ : أَفِكَهُ عَنْ رَأيهِ إذا صَرَفَهُ عنه.
وقيل : المراد لتلفتنا بالكذب.
﴿فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ﴾ من معاجلة العذاب على الكفر ﴿إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ في وعدك أن العذاب نازل بنا قال هود : إنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللهِ وهو يعلم متى يأتيكم العذاب ﴿وَأُبَلِّغُكُمْ مَّآ أُرْسِلْتُ بِهِ﴾ من الوحي والتحذير من العذاب، فأما العلم بوقته فما أوحاه إليَّ ﴿وَلَـاكِنِّى أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ﴾ وهذا يحتمل أ، المراد أنكم لا تعلمون أن الرسل لم يبعثوا مقترحين ولا سائلين عن غير ما أُذِنَ لهم فيه وإنما بعثوا مبلغين.
ويحتمل أن يكون المراد قوماً تجهلون من حيث إنكم بَقِيتُم مُصرِّين على كفركم وجهلكم فيغلب على ظني أنه قرب الوقت الذي ينزل عليكم العذاب بسبب هذا الجهل المفرط والوقاحة التامة.
ويحتمل أن يكون المراد قوماً تجهلون حيث تُصِرُّونَ على طلب العذاب وهب أنه لم يظهر لكم كوني صادقاً ولكن لم يظهر لكم أيضاً كوني كاذباً، فالإقدام على الطلب الشديد لهذا العذاب جهل عظيم.
٤٠٥
قوله :﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً﴾ في " هاء " " رَأَوْهُ " قولان : أحدهما : أنه عائد على " ما " في قوله " ما تَعِدُنا ".
الثاني : أنه ضمير مبهم يفسره " عَارِضاً " إما تمييزاً، أو حالاً.
قالهما الزمخشري.
وردَّه أبو حيان بأن التمييز المفسِّر للضمير محصورٌ في باب رُبَّ، وفي نِعْمَ وبِئْسَ، وبأنَّ الحالَ لم يُعْهَد فيها أن توضع الضمير قبلها، وأن النَّحويِّين لا يعرفون ذلك.
وذكر المبرد في الضمير ههنا قولين : الاول : ما تقدم.
والثاني : أنه يعود إلى غير مذكور وبينه قوله :: " عارضاً " كقوله :﴿مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِن دَآبَّةٍ﴾ [فاطر : ٤٥].
ولم يذكر الأرض لكونها معلومة فكذا الضمير ههنا، عائد إلى السحاب، كأنه قيل : فلما رأَوا السَّحَابَ عارِضاً.
وهذا اختيار الزجاج.
ويكون من باب الإضمار لا على شريطة التفسير.
والعارض السحابة التي ترى في ناحية السماء ثم تطبّق السماء.
قال أهل اللغة : العَارِضُ المُعْتَرِضُ من السَّحَاب في الجوِّ، قال : ٤٤٥٥ـ يَامَنْ رَأَى عَارِضاً أَرقْتُ لَهُ
بَيْنَ ذِرَاعَيْ وَجَبْهَةِ الأَسَدِ
جزء : ١٧ رقم الصفحة : ٤٠٤
قوله :﴿مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ﴾ صفة لـ " عَارِضاً "، وإضافة غير محضة فم ثَمَّ سَاغَ
٤٠٦
أن يكون نعتاً لنكرة وكذلك " مُمْطِرُنَا " وقع نعتاً " لِعَارِضٍ " ومثله : ٤٤٥٦ـ يَا رُبَّ غَابِطِنَا لَوْ كَانَ يَطْلُبُكُمْ
لاَقَى مُبَاعَدَةً مِنْكُمْ وَحِرْمَانَا