هذا ما يتعلق باشتقاقه ومعناه.
وأما الإعراب فإن قلنا بقول الجمهور ففيه أوجه : أحدهما : أن " أولى " مبتدأ (و) " لهم " خبره تقديره : فالهلاك لهم.
وسوغ الابتداء بالنكرة كونهُ دُعَاء نحو :﴿ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾ [الهمزة : ١].
الثاني : أنه خبر مبتدأ مضمر تقديره : العِقَابُ أو الهَلاك أَوْلَى لهم.
أي أقرب واَدْنَى.
وقال ابنُ الخطيب : التقدير : فالموت أولى لهم ؛ لأنَّ الموت سبق ذكره في قوله :﴿نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾، وذلك أن الحياة في طاعة الله ورسوله خير منها.
ويجوز أن تكون اللام بمعنى الباء أي أولى وأحق بِهِمْ.
٤٥٢
الثالث : أنه مبتدأ و " لهم " متعلق به، واللام بمعنى الباء.
و " طاعة " خبره التقدير : أولى بهم طاعة دون غيرها.
وإن قلنا بقول الأصمعي فيكون فعلاً ماضياً، وفاعله مضمر يدل عليه السِّيَاق، كأنه قيل : فأولى هو أي الهلاك.
وهذا ظاهر عبارة الزمخشري حيث قال : ومعناه الدعاء عليهم بأن يليهم المكروه.
وقال ابن عطية : المشهور من استعمال العرب أنك تقول : هذا أولى بك من هذا، أي أحق.
وقد تستعمل العرب " أولى لك " فقط على جهة الحذف والاخْتِصَار ؛ لما معها من القول فتقول : أولى لك يا فلان على جهة الزجر والوعيد.
انتهى.
وقال أبو البقاء : أَوْلَى مؤنثة أَوْلاة.
وفيه نظر ؛ لأن ذلك إنما يكون في التذكير والتأنيث الحقيقيين ؛ أما التأنيث اللفظي وفلا يقال فيه ذلك.
وسيأتي له مزيد بيان في القيامة إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.
قوله :﴿طَاعَةٌ﴾ فيه وجهان : أحدهما : أنه خبر " أَوْلَى " على ما تقدم.
الثاني : أنها صفة " لِسُورَة " أي فإذا أنزلت سُورَةٌ محكمة " طاعة " أي ذات طاعة أو مطاعة.
ذكره مكي، وأبو البَقَاءِ.
وفيه بُعْد لكثرة الفواصل.
الثالث : أنها مبتدأ و " قَوْل " عطف عليها والخبر محذوف تقديره : أَمْثَلُ لَكُمْ مِنْ غَيْرِهِمَا.
، وقدّر مَكِّيٌّ منَّا طاعةٌ فقدّره مقدَّماً.
الرابع : أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي أمْرُنَا طَاعَةٌ.
الخامس : أن لهم خبر مقدم وطاعة مبتدأ مؤخر.
والوقف والابتداء يُعْرَفَانِ مما تقدم.
٤٥٣
فصل قال المفسريون : قوله : طاعة وقول معروف ابتداء محذوف الخبر، تقديره طاعة وقول معروف أمثل، أي لو أطاعوا وقالوا قولاً معروفاً كان أمثل وأحسن.
وساغ الابتداء بالنكرة، لأنها وُصِفَتْ بدليل قوله :﴿وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ﴾ فإنه موصوف فكأنه تعالى قال : كاعة مخلصةً وقولٌ معروف خير.
وقيل : يقول المنافقون قبل نزول السورة المحكمة طاعة رفع على الحكاية أي أمرنا طاعة، أو منا طاعة وقول معروف : حسن.
وقيلأ :" متَّصل ".
واللام في قوله :" لَهُمْ " بمعنى الباء أي فأولى بهم طاعة الله ورسوله وقول معروف بالإجابة، أي لو أطاعوا الله كانت الطاعة والإجابة أولى بهم.
وهذا معنى قول ابن عباس في رواية عَطَاءٍ.
قوله :﴿فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ﴾ في جوابها ثلاثة أوجه : أحدهما : قوله :﴿فَلَوْ صَدَقُواْ﴾ نحو : إذَا جَاءنِي طَعَامٌ فَلَوْ جِئْتَنِي أَطْعَمْتُكَ.
الثاني : أنه محذوف تقيدره : فَاصْدُقْ، كذا قدره أبو البقاء.
الثالث : أن تقديرنا ناقضوا.
وقيل : تقديره كرهوا ذلك.
وعَزَمَ الأمْر على سبيل الإسناد المجازي كَقوله :
٤٤٧٨ـ قَدْ جَدَّتِ الْحَرْبُ بِكُمْ فَجِدُّوا
جزء : ١٧ رقم الصفحة : ٤٤٧
أو يكون على حذف مضاف أي عَزَمَ أَهْلُ الأمر.
وقال المفسرون : معناه إذا جدَّ الأمر ولزم فرض القتال خالفوا وتخلفوا فلو صدقوا لله في إظهار الإيمان والطاعة لكان
٤٥٤


الصفحة التالية
Icon