أي : جلودها.
وقرأ ابن أبي عَبْلَةَ :" أسماعهم ".
قال الزمخشري : واللفظ يحتمل أن تكون الأسماع داخلة في حكم الخَتْم، وفي حكم التَّغْشِيَةِ، إلاّ أن الأولى دخولها في حكم الختم ؛ لقوله تعالى :﴿وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً﴾ [الجاثية : ٢٣] و " الأبصار " : جمع بصر، وهو نور العين الذي يدرك به المرئيات.
قالوا : وليس بمصدر لجمعه، ولقائل أن يقول : جمعه لا يمنع كونه مصدراً في الأصل، وإنما سهل جَمْعَهُ كَوْنُهُ سمي به نور العين، فَهُجِرَت فيه معنى المصدرية، كما تقدم في قلوب جمع قَلْب.
وقد قلتم : إنه في الأصل مصدر ثم سمي به، ويجوز أن يكنى به عن العَيْن، كما كي بالسمع عن الأذن، وإن كان السَّمع في الأصل مصدراً كما تقدم.
وقرأ أبو عمرو والكِسَائي :" أبصارهم " بالإِمَالَةِ، وكذلك كلّ ألف بعدها مجرورة في الأسماء كانت لام الفعل يميلانها.
ويميل حمزة منها ما تكرر فيه الراء " كالقرار " ونحوه، وزاد الكسائي إمالة ﴿جَبَّارِينَ﴾ [المائدة : ٢٢]، و ﴿الْجَوَارِ﴾ [الشورى : ٣٢]، و ﴿بَارِئِكُمْ﴾ [البقرة : ٥٤]، و ﴿مَنْ أَنصَارِى ﴾ [آل عمران : ٣٢]، و ﴿نُسَارِعُ﴾ [المؤمنون : ٥٦] وبابه، وكذلك يميل كل ألف هي بمنزلة لام الفعْل، أو كانت علماً للتأنيث مثل :﴿الْكُبْرَى ﴾ [طه : ٢٣]، و ﴿الأُخْرَى ﴾ [الزمر : ٤٢]، ولام الفعل مثل :﴿يَرَى﴾ [البقرة : ١٦٥]، و ﴿افْتَرَى ﴾ [آل عمران : ٩٤] يكسرون الراء منها.
٣٢٤
و " الغشاوة " : الغطاء.
قال :[الطويل] ١٦٦ - تَبِعْتُكَ إِذْ عَيْنِي عَلَيْهَا غِشَاوَةٌ
فَلَمَّا انْجَلَتْ قَطَّعْتُ نَفْسِي أَلُومُهَا
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٢٠
وقال :[البسيط] ١٦٧ - هَلاَ سَأَلْتِ بَنِي ذُبْيَانَ مَا حَسبِي
إِذا الدُّخَانُ تَغَشِّى الأَشْمَطَ الْبَرِمَا
وجمعها " غشاءٌ "، لما حذفت الهاء قلبت الواو همزة.
وقيل :" غشاوي " مثل " أداوي ".
قال الفارسي : لم أسمع من " الغشاوة " فعلاً متصرفاً بـ " الواو "، وإذا لم يوجد ذلك، وكان معناها معنى ما " اللام " منه " الياء "، وهو غشي بدليل قولهم :" الغِشْيَان "، و " الغشاوة " من غشي كـ " الجِبَاوة " من جبيت في أن " الواو " كأنها بدل من " الياء "، إذْ لم يُصَرَّفْ منه فعل كما لم يُصَرَّف منه الجباوة.
وظاهر عبارته أن " الواو " بدل من " الياء "، و " الياء " أصل بدليل تصرف الفعل منها دون مادة " الواو ".
والذي يظهر أن لهذا المعنى مادتين " غ ش و "، و " غ ش ي "، ثم تصرفوا في إحدى المادتين، واستغنوا بذلك عن التصرف في المادة الأخرى، وهذا أقرب من ادعاء قلب " الواو " " ياء " من غير سبب، وأيضاً " الياء " أخف من " الواو "، فكيف يقلبون الأخف للأثقل ؟ و " لهم " خبر مقدم فيتعلّق بمحذوف، و " عذاب " مبتدأ مؤخر و " عظيم " صفة.
والخبر - هنا - جائز التقديم ؛ لأن للمبتدأ مسوغاً وهو صفة ونظيره :﴿وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ﴾ [الأنعام : ٢] من حيث الجواز.
والعذاب في الأَصْل : الاستمرار، ثم سمي به كلّ استمرار أَلِمٍ.
وقيل : أصله : المَنْع، وهذا هو الظَّاهر، ومنه قيل للماء : عَذَب ؛ لأنه يمنع العطش، والعذاب يمنع من الجريمة.
" عظيم " اسم فاعل من " عَظُمَ "، نحو : كريم من " كَرُم " غير مذهوب به مذهب الزمان، وأصله أن توصف به الأجرام، ثم قد توصف به المعاني.
وهل هو و " الكبير " بمعنى واحد أو هو فوق " الكبير " ؛ لأن العظيم يقابل الحقير، والكبير يقابل الصغير، والحقير دون الصغير ؟ قولان.
٣٢٥


الصفحة التالية
Icon