و " فعيل " له معانٍ كثيرة، يكون اسماً وصفة، والاسم مفرد وجمع، والمفرد اسم معنى، واسم عين، نحو :" قميص وظريف وصهيل وكليب جمع كلب ".
والصفة مفرد " فُعْلَة " كـ " غَزِب " يجمع على غُزَاة " ومفرد " فَعَلَة " كـ " سَرِي " يجمع على " سَرَاة ".
ويكون اسم فاعل من " فَعُلَ " نحو : عظيم من عَظُم كما تقدم.
ومبالغةً في " فَاعِل "، نحو " عليم من عالم ".
وبمعنى " أَفْعَل " كـ " شميط " بمعنى :" أشمط " و " مَفْعُول " كـ " جريح " بمعنى : مجروح، و " مُفْعِل " كـ " سَمِيع " بمعنى " " مُسْمِع "، و " مُفْعَل "، كـ " وَلِيد " بمعنى : مُولَد، و " مُفَاعِل "، كـ " جَلِيس " بمعنى : مُجَالِس، و " مُفْعَل "، كـ " بَدِيع " بمعنى : مُبْتَدِع، و " مُفْتَعِّل " كـ :" سَعِير " بمعنى : مُتَسَعِّر "، و " مُسْتَفْعِل " كـ " مَكِين " بمعنى :" مُسْتَمْكن ".
و " فَعْل " كـ " رطيب " بمعنى :" رَطْبْ "، و " فَعَل " كـ " عجيب " بمعنى :" عجب " و " فِعَال " كـ " صحيح " بمعنى : صِحَاح، وبمعنى :" الفاعل والمفعول " كـ " صريخ " بمعنى :" صاروخ ومصروخ ".
وبمعنى الواحد والجمع نحو :" خليط "، وجمع فاعل كـ " ريب " جمع غارب.
فصل في أيهما أفضل : السمع أو البصر ؟ من الناس من قال : السَّمع أفضل منى البَصَرِ ؛ لأن الله - تعالى - حيث ذكرهما قد السَّمع على البصر، والتقديم دليلٌ على التفضيل، ولأن السمع شرط النبوّة بخلاف البَصَرِ، ولذلك ما بعث الله رسولاً أَصَمّ، وقد كان فيهم الأعمى، ولأنَّ بالسَّمع تصلُ نتائج عقول البعض إلى البعض، فالسمع كأنه سبب لاستكمال العَقْلِ بالمعارف، والبَصَر لا يوقفك إلى على المحسوسات، ولأن السمع متصرف في الجهات السّت بخلاف البَصَرِ، ولأن السمع متى بطل النُّطق، والبصر إذا بطل لم يبطل النُّطق.
ومنهم من قدم البصر ؛ لأنّ آلة القوة الباصرة أشرف، ولأن متعلق القوة الباصرة هو النور، ومتعلّق القوة السَّامعة هو الريح.
فصل في ألفاظ وردت بمعنى الختم الألفاظ الواردة في القرآن القريبة من معنى الخَتْم هي " الطَّبع " و " الكنان " و " الرين " على القلب، و " الوقر " في الأذن، و " الغشاوة " في ابصر.
واختلف الناس في هذا الخَتْم : فالقائلون بأن أفعال العباد مخلوقة لله - تعالى - فهذا الكلام على مذهبهم ظاهر، ثم لهم قولان : منهم من قال : الختم هو خلق الكُفْر في قلوب الكفار.
٣٢٦
ومنهم من قال هو خلق الدَّاعية التي إذا انضمّت إلى القدرة صار مجموع القدرة معها سبباً موجباً لوقوع الكُفْر.
وأما المعتزلة فأوّلوا هذه الآية، ولم يرجوها على ظاهرها.
أما قوله تعالى :" لهم عذاب عظيم " أي : في الآخرة.
وقيل : الأَسْر والقَتْل في الدنيا، والعذاب الدائم في العُقْبى.
و " العذاب " مشتق من " العَذْب " وهو القَطْع، ومنه سمي الماء الفرات عَذْباً، لأنه يقطع العطش.
جزء : ١ رقم الصفحة : ٣٢٠
" من الناس " خبر مقدم، و " من يقول " مبتدأ مؤخر، و " مَنْ " تحتمل أن تكون موصولة، أو نكرة موصوفة أي : الذي يقول، أو فريق يقول، فالجملة على الأول لا محل لها ؛ لكونها صلة، وعلى الثاني محلها الرفع ؛ لكونها صفة للمبتدأ.
واستضعف أبو البقاء أن تَكُونَ موصولة، قال : لأن " الذي " يتناول قوماً بأعيانهم، والمعنى هنا على الإبهام.
وهذا منه غير مسلم ؛ لأنّ المنقول أنّ الآية نزلت في قوم بأعيانهم كعبد الله بن أبي ورهطه.
وقال الزمخشري : إن كانت أل للجنس كانت " منْ " نكرة موصوفة كقوله :﴿مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ﴾ [الأحزاب : ٢٣].
وإن كانت للعَهْد كانت موصولة، وكأن قصد مناسبة الجنس للجنس، والعهد للعهد، إلا أن هذا الذي قاله غير لازم، بل يجوز أن تكون " أل " للجنس، وتكون " منْ " موصولة، وللعهد، و " منْ " نكرة موصوفة.
وزعم الكِسَائِيّ أنها لا تكون نكرة إلاّ في موضع تختص به النكرة ؛ كقوله :[الرمل] ١٦٨ - رُبَّ مَنْ أَنْضَجْتُ غَيْظاً صَدْرَهُ
لَوْ تَمَنَّى لِيَ مَوْتاً لَمْ يُطِعْ
وهذا الذي قاله هو الأكثر، إلا أنها قد جاءت في موضع لا تختصّ به النكرة ؛ قال :[الكامل]
٣٢٧
١٦٩ - فَكَفَى بِنَا فَضْلاً عَلَى مَنْ غَيْرَنا
..........................
و " من " تكون موصولة، ونكرة موصوفة، أو زائدة ؟ فيه خلاف.
واستدل الكسَائي على زيادتها بقول عنترة :[الكامل] ١٧٠ - يَا شَاةَ منْ قَنَصٍ لِمَنْ حَلَّتْ لَهُ
حَرُمَتْ عَلَيَّ وَلَيْتَهَا لَمْ تَحْرُمِ