تعالى :﴿ يا أيها الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَرْفَعُوا ااْ أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ﴾ جلس ثابتُ بنُ قيسٍ في بيته، وقال : أنا من أهل النار واحتَبَسَ عن النبي ـ ﷺ ـ فسأل النبي ـ ﷺ ـ سعدَ بْنَ معاذ فقال : يا أبا عمرو ما شأنُ ثابت اشتكى ؟ فقال سعدٌ : إنه لَجَارِي وما علمت له شكوى قال : فأتاه سعدٌ فَذَكَر له قوله النبي ـ ﷺ ـ فقال ثابتٌ : أُنْزِلَتْ هذه الآية ولقد عَلِمْتُمْ أنِّي من أَرْفَعِكُمْ صوتاً عَلَى رسول الله ـ ﷺ ـ وأنا من أهل النار فذكر ذلك سعدٌ للنبي ـ ﷺ ـ فقال رسول الله ـ ﷺ ـ بل هو من أهل الجنة ".
" وروى لمانزلت هذه الآية قَعَدَ ثابتٌ في الطريق يبكي فمر به عاصمُ بْنُ عَدِيٌ فقال : ما يُبكِيكَ يا ثابتُ ؟.
قال : هذه الآية أتخوف أن تكمونَ نزلت وأنا رفيعُ الصوت أخاف أن يُحْبَط عملي وأكون من أهل النار فمضى عاصم إلى رسول الله ـ ﷺ ـ وغلب ثابتاً البكاءُ فِأتى امرأته جميلَة بنتَ عبدِ الله بن أبيِّ ابنِ سلول فقال لها : إذا دخلت فَرَسي فشُدّي على الضَّبَّة بمِسمارٍ، فضربت عليه بِمسْمَارٍ وقال : لا أخْرُجُ حتى يَتَوفَّانِي الله أو يَرْضَى عنِّي رسولُ الله ـ ﷺ ـ فأتى عاصمٌ رسولَ الله ـ ﷺ ـ فَأَخْبَرَهُ خَبَرَهُ فقال : اذهبْ فادْعُهُ لي فجاء عاصم إلى المكان الي رآه فيه فلم يجدْه، فجاء إلى أهلِهِ فوجَدَهُ بي بيت الفرس فقال له إن رسول الله ـ ﷺ ـ يدعوك فقال له : اكْسِر الضَّبة فأتى رسول الله ـ ﷺ ـ فقال له رسول الله ـ ﷺ ـ ما يُبْكِيكَ يا ثابت ؟ فقال : أنا صيت وأخاف أن تكمون هذه الآية نزلت فيّ، فقال له رسول الله ـ ﷺ ـ أما تَرْضَى أن تعيشَ حميداً وتُقْتضلَ شهيداً وتَدْخُلَ الجنة ؟ فقال : رضيتُ ببُشْرَى الله ورسوله، لا أرفعْ صَوْتي أبداً على صوت رسول الله ـ ﷺ ـ " فأنزل الله ﴿الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ﴾ الآية.
قال أنس : فكُنَّا ننظر إلى رجلٍ من أهل الجنة يمشي بيننا فلما كان يومُ اليَمَامَة في حرب مُسَيْلِمَةَ رأى ثابتٌ من المسلمين بعض الانكسار فانهزت طائفةٌ منهم فقال : أُفٍّ لهؤلاء ثم قال ثابتٌ لسالمِ مولى أبي حذيفة : ما كنا نقاتل أعداء الله مع رسول الله ـ ﷺ ـ مثل هذا ثُمّ ثَبَتَا وقاتلا حتى قُتِلاَ واستشهد ثابتٌ وعليه دِرْعٌ فرآه رجلٌ من الصحابة بعد موته في المنام قال له : اعلم أن فلاناً رجلٌ من المسلمين نَزَ درعي فذهب بهاوهي في ناحية من المعسكر عند فرس يستن (به) في طِوَله، وقد وضع على درعي بُرْمَةً ؛ فأتِ خالدَ بْن الوليد وأخْبِرْه حتى يسترد درعي، وأت أبا بكر خليفة رسول الله ـ ﷺ ـ وقُلْ له : إن عليّ دَيْناً حتى يَقْضِيَهُ (عنِّي)، وفلان (وفلان) من رقيقي عتيق.
فأخبر الرجلُ خالداً فوجد دِرْعه والفرسَ على ما وصفهُ فاسْتَرَدَّ الدرع وأخبر خالدٌ أبا بكر بتلك الرؤيا، وأجاز أبو بكر وصيَّتَهُ.
قال مالك بنأنس (رضي الله عنه) : لا أعلم وصيةً أُجيزَتْ بعد موت صاحبها إلا هذه.
٥٢٤