الفواصل أو باذْكُرْ مقدراً أو بأنْذِرْ.
وهو على هذين الأخيرين مفعول به لا ظرف.
وقرأ نافعٌ وأبو بكْرٍ : يَقُولُ لِجَهَنَّم بياء الغيبة، والفاعل : الله تعالى، لتقدم ذكره في قوله :﴿لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ﴾ [ق : ٢٨] والأعمش : يُقالُ مبنياً للمفعول.
وقوله :" هَل امْتَلأتِ " وذلك لما سبق من وعده إياها أنه يملأها من الجنَّةِ والنَّاسِ وهذا السؤال من الله - عزّ وجلّ - لتصديق خبره وتحقيق وَعْدِهِ.
قوله :﴿هَلْ مِن مَّزِيدٍ﴾ سؤال تقرير وتوقيف.
وقيل : معناه النفي.
وقيل : السؤال لخزنتها والجواب مبهم، فلا بدّ من حذف مضاف أي نقولُ لخزنة جهنم ويقولون ثم حذف.
و " المزيد " يجوز أن يكون مصدراً أي مِنْ زيادةٍ وأن يكون اسمَ مفعول أي من شيءٍ تَزيدُونَه أَحْرِقُهُ.
فصل قال المفسرون : معنى قوله : هل من مزيد أي قد امتلأتُ ولم يبق فِيَّ موضعٌ لم يمتلئ، فهو استفهام إنكار بمعنى الاستزادة، رواه أبو صالح عن ابن عباس (رضي الله عنهم) وعلى هذا يكون السؤال وهو قوله : هل امتَلأتِ قبل دخول جميع أهلها فيها.
روي عن ابن عباس : أن الله تعالى سبقت كلمته : لأمْلأَن جهنم من الجنة والناس أجمعين، فلما سبق أعداء الله تعالى إليها لا يلقى فيها فوجٌ إلا ذهب فيها ولا يمَلأُها فتقول : ألستَ قد أقسمتَ لتَمَلأَنِّي فيضع قدمه عليها ثم يقول : هل امْتَلأتِ ؟ فتقول : قَطْ قَطْ قد امتلأت وليس فِيَّ مزيد.
قوله تعالى :﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ﴾ قربت وأدنيت وقوله :" غَيْرَ بَعِيدٍ " يجوز أن يكون حالاً من " الجنة " ولم يؤنث ؛ لأنها بمعنى البُسْتَان، أو لأن " فَعِيلاً " لا يؤنث ؛ لأنه بزنة
٣٧
المصادر، قاله الزمخشري ومنعه أبو حيان، وقد تقدم في قوله :﴿إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ﴾ [الأعراف : ٥٦] ويجوز أن يكون منصوباً على الظرف المكاني، أي مكاناً غير بعيد، ويجوز أن يكون نعتاً لمصدر محذوف أي إزلافاً غير بعيد، وهو ظاهر عبارة الزمخشري، فإنه قال : أو شيئاً غير بعيد.
فإن قيل : ما وجه التقريب مع أن الجنة مكانٌ، والأمكنة يقرب منها وهي لا تقرب ؟ فالجواب من وجوه : الأول : أن الجنة لا تزال ولا يؤمر المؤمن في ذلك اليوم بالانْتِقَال إليها مع بعدها لكن الله تعالى يطوي المسافة التي بين المؤمن والجنة فهو التقريب.
فإن قيل : فعلى هذا ليس إزْلاف الجنة من المؤمن بأولى من إزْلاَفِ المؤمنِ من الجنة فما فائدة قوله :" أزلفت الجنة " ؟ فالجواب : أن ذلك إكرام للمؤمن وبيان لشرفه، وأنه مِمَّنْ يمشى إليه.
الثاني : قربت من الحصول في الدخول لا بمعنى القرب المكاني.
الثالث : أن الله تعالى قادر على نقل الجنة من السماء إلى الأرض فيقربها للمؤمن ويحتمل أنها أُزْلِفَتْ بمعنى جَمَعَت محاسنها، لأنها مخلوقة، وإما بمعنى قرب الحصول لها لأنها تنال بكلمة وحسنة وخص المتقين بذلك لأنهم أحقّ بها.
قوله :﴿هَـذَا مَا تُوعَدُونَ﴾ هذه الجملة يجوز فيها وجهان : أحدهما : أن تكون معترضة بين البَدَلِ والمُبْدَلِ منه، وذلك أن " لِكُلِّ أَوَّاب " بدل من " المتقين " بإعادة العامل.
والثاني : أن تكون منصوبة بقول مُضْمَرٍ، ذلك القول منصوب على الحال أي مقولاً لهم.
وقد تقدم في (سُورَة) " ص " أنه قرئ : يُوعَدُونَ بالياء والتاء.
٣٨


الصفحة التالية
Icon