مفعول به بالحاملات، كما يقال : حَمَل فلانٌ عدْلاً ثَقِيلاً.
قال ابن الخطيب : ويحتمل أن يكون اسماً أقِيمَ مُقَام المصدر، كقوله : ضَرَبَهُ سَوْطاً.
ويؤيده قراءة من قرأ بفتح الواو.
والوِقْرُ - بالكسر - اسم ما يوقِر أي يَحُلُّ.
وقرئ بالفتح، وذلك على تسمية المفعول بالمصدر.
ويجوز أن يكون مصدراً على حاله والعامل فيه معنى الفعل قبله، لأن الحَمْل والوَقْر بمعنى واحد، وإن كان بينهما عموم وخصوص.
قوله :" يُسْراً " يجوز أن يكون مصدراً من معنى ما قبله أي جَرْياً يُسْراً وأن يكون حالاً، أي ذات يُسْرٍ أو مَيْسَرة أو جعلت نفس اليُسْر مبالغةً.
قوله :" أَمْراً " يجوز أن يكون مفعولاً به، وهو الظاهر، كقولك : فُلاَنٌ قَسَّمَ الرِّزْقَ أَوِ المَالَ، وأن تكون حالاً أي مأمورة.
وعلى هذا فيحتاج إلى حذف مفعول " المُقَسِّمَات ".
وقد يقال : لا حاجة لتقديره كما في الذاريات.
وهل هذه أشياء مختلفة فتكون الفاء على بابها من عطف المتغايرات، والفاء للترتيب في القسم لا في المقسم به ؟ قال الزمخشري : ويجوز أن يراد الرياح وحدها، لأنها تُنْشِئ السحاب وتُقِلُّه، وتَصْرِفُهُ، وتجري في الجو جرياً سَهْلاً وعلى هذا يكون من عطف الصفات، والمراد واحد، كقوله ( - رحمه الله - ) : ٤٥١٧ - يا لَهْفَ زَيَّابَةِ لِلْحَارِثِ
الصّابحِ فَالغَانِمِ فَالآيبِ
جزء : ١٨ رقم الصفحة : ٥٦
وقوله :
٥٩
٤٥١٨ - إِلَى المَلِكِ القَرْمِ وَابْنِ الهُمَامِ
وَلَيْثِ الكَتِيبَةِ فِي المُزْدَحَمْ
فتكون الفاء على هذا الترتيب الأمور في الوجود.
فإن قيل : إن كان " وقراً " مَفْعولاً لَمْ يُجمع وما قيل : أوقاراً ؟.
فالجواب : لأن جماعةً مِنَ الرياح قد تحمل وقرا واحداً، وكذا القول في المقسّمات أمراً إذا قيل : إنه مفعول به، لأنه قد تجمع جماعة من الملائكة على أمر واحد.
قوله :" إنَّمَا تُوعَدونَ " هذا جواب القسم، و " ما " يجوز أن تكون اسمية، وعائدها محذوف، أي تُوعَدُونَهُ وأن تكون مصدرية فلا عائدَ على المشهور، وحينئذ يحتمل أن يكون توعدون مَبْنِيًّا من الوعْد، وأن يكون مبنياً من الوَعِيد، لأنه يصلح أن يقال : أوْعَدْتُهُ فهو يُوعَدُ، وَوَعَدْتُهُ فهو يُوعَد لا يختلف، فالتقدير : إن وعدكم أو إن وعيدكم.
ولا حاجة إلى قول من قال : إنه قوله :" لصادق " وقع فيه اسم الفاعل موقع المصدر أي لصدق لأن لفظ اسم الفاعل أبلغ إذا جعل الوعد أو الوعيد صادقاً مبالغة وإن كان الوصف إنما يقوم بمن يَعِدُ أو يُوعِدُ.
قال ابن الخطيب : وبناؤه من " أوعد " هو الحق ؛ لأن اليمين مع المنكر بِوَعِيدٍ لا بوَعْد، و " الصادق " معناه ذو صدق " كعِيشَةٍ رَاضِيَةٍ "، ووصف به الفاعل كوصف الفاعل بالمصدر في إفادة المبالغة.
قوله :﴿وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ﴾ أي الحشر والجزاء كائن.
جزء : ١٨ رقم الصفحة : ٥٦
ثم ابتدأ قسماً آخر وهو قوله :﴿وَالسَّمَآءِ ذَاتِ الْحُبُكِ﴾ العامة على الحُبُك - بضمتين - قال ابن عباس وقتادة وعكرمة : ذاتِ الخلق الحسن المستوي، يقال للنساج إذا نَسَجَ الثَوْبَ فَأَجَاد : ما أحْسَنَ حَبْكهُ.
وقال سعيد بن جبير : ذاتِ الزّينة أي المزينة بزينة
٦٠
الكواكب.
قال الحسن : حُبِكَتْ بالنُّجوم.
وقال مجاهد : هي المتقنة المبنيّات.
وقال مقاتل والكلبي والضحاك : ذات الطرائق كحَبْك الماء إذا ضَرَبَتْهُ الرِّيح، وحَبْكِ الرَّمل والشّعر الجَعْد وهو آثار تَثَنِّيه وَتَكسُّرِهِ، قال زهير : ٤٥١٩ - مُكَلَّلٌ بِأُصُولِ النَّجْمِ تَنْسِجُهُ
ريحٌ خَريقٌ لضَاحي مَائهِ حُبُك
والحبك جمع يحتمل أن يكون مفرده حَبِيكَة، كطَرِيقةٍ وطُرُق أَو حِباك نحو : حِمَار وحُمُر قال : ٤٥٢٠ - كَأَنَّمَا جَلَّلَها الحُوَّاكُ
طِنْفسَةٌ فِي وَشْيِهَا حِبَاكُ
وأصل الحَبْك إحكام الشيء وإتقانه، ومنه يقال للدروع : مَحْبُوكة.
وقيل : الحَبْكُ الشدّ والتَّوَثُّق، قال امرؤ القيس : ٤٥٢١ - قَدْ غَدَا يَحْمِلُنِي فِي أَنْفِهِ
لاَحِقُ الإطْلَيْنِ مَحبُوكٌ مُمَرّ
وفي هذه اللفظة قراءات كثيرة، فعن الحسن - ( رضي الله عنه ) - ست قراءات، الحبك - بالضم - كالعُنُق، وبضم الحاء وسكون الباء وتروى عن ابن عباس، وأبي عمرو، وبكسر الحاء والباء، وبكسر الحاء وسكون الباء، وهو تخفيف
٦١


الصفحة التالية
Icon