مات سمي الحجر باسمه وعُبِدَ من دون الله.
وقال مجاهد : كان في رأس جبل له غنيمة يَسْلأُ منها السَّمْنَ ويأخذ منها الأَقطَ ويجمع رسلها ويتخذ منه حيساً فيطعم الحاج وكان ببطن النخلة فلما مات عبدوه وهو اللات.
وقال الكلبي : كان رجلاً من ثقيف يقال له : صَرْمَة بن غَنْم وكان يَسْلأُ السَّمن فيضعه على صخْرة، ثم تأتيه العرب فتلتُّ به أَسْوِقَتَهُمْ، فلما مات الرجل حَوَّلَتْهَا ثَقيفٌ إلى منازلها فعبدتها.
وقال القرطبي : كانت صخرة مربَّعة وكان سَدَنَتُها من ثقيف وكانوا قد بنوا عليها بناءً، فكانت قريش وجميع العرب تعظمها وبها كانت العربُ تسمّي زيدَ اللاتِ وتَيْمَ اللات، وكانت في موضع مسجد الطائف اليسرى، فلم تزل كذلك إلى أن أسلمت ثقيفٌ.
فبعث رسول الله - ﷺ - عَلِيًّا فَهَدَمَهَا وحَرَقَها بالنار، ثم اتخذ العرب العزى وهي أحدث من اللات، اتخذها ظالمُ بن سَعِيد.
والعزى : فعلى من العز وهي تأنيث الأعَزّ كالفُضْلَى والأَفْضَل.
وهي اسم صنم.
وقيل : شجرة كانت تُعبد.
قال مجاهد : هي شجرة كانت بغَطَفَان كانوا يعبدونها، فبعث النَّبِيُّ - ﷺ - خالدَ بن الوليد فقطعها فجعل خالدٌ يضربُها بالفَأس ويقول : ٤٥٥٧ - يَا عُزَّ كُفْرَانَكِ لاَ سُبْحَانَك
إنِّي رَأَيْتُ اللَّهَ قَدْ أَهَانَكَ
فخرجت منها شيطانة مكشوفة الرأس، ناشرةً شعرها، تضرب رأسَها وتدعو بالوَيْل والثُّبُور فقتلها خالد.
وروي أَنَّ خالداً لما قطع الشجرة رجع إلى النبي - ﷺ - فقال : قد قَطَعْتُها، فقال : ما رأيت ؟ قال : ما رأيت شيئاً.
فقال النبي - ﷺ - : ما بلغت.
فعاودها ومعه المعول فقلعها واجتثَّ أصلها فخرجت منها امرأة عُرْيَانة فقتلَها، ثم رَجَعَ إلى النبي - ﷺ - فقال : تلك العُزَّى، ولن تُعْبَدَ أبداً.
وقال الضحاك : هو صنم لغَطَفَان وضعها لهم سعدُ بن ظالم الغَطَفَانِيّ.
وذلك أنه قَدِمَ مكة فرأى الصَّفَا والمَرْوَة، ورأى أهل مكة يطوفون بينهما فعاد إلى بطن نخلة وقال
١٧٩
لقومه : إن لأهلِ مكة الصَّفَا والمَرْوَةَ وليستَا لكم ولهم إله يعبدونه وليس لكم قالوا : فما تأمرنا ؟ قال : أنا أصنع لكم ذلك، فأخذ حجراً من الصفا وحجراً من المروة ونقلهما إلى نخلة فوضع الذي أخذ من الصَّفا فقالَ : هذا الصفا ثم وضع الذي أخذ من المروة فقال : هذا المروة ثم أخذ ثلاثة أحجار فأسندها إلى شجرة وقال : هذا ربكم فجعلوا يطوفون بين الحَجَريْن ويعبدون الحجارة حتى افتتح رسول الله - ﷺ - مكة فأمر برفع الحجارة، وبعث خالد بن الوليد إلى العُزَّى فقَطَعَها.
وقال قتادة وابن زيد : هي بيت بالطائف كانت تعبده ثقيف.
وقال ابن جبير العزى حجر أبيض كانوا يعبدونه.
قوله :(وَمَنَاةَ) قرأ ابن كثير : مَنَأَةَ بهمزة مفتوحة بعد الألف، والباقون بألف وحدها، وهي صخرة كانت تعبد من دون الله.
فأما قراءة ابن كثير فاشتقاقها من النَّوْءِ، وهو المطر، لأنهم كانوا يستمطرون عندها الأنواء ووزنها حينئذ " مَفْعَلَة " فألفها عن واو وهمزتها أصلية وميمها زائدة وأنشدوا على ذلك : ٤٥٥٨ - أَلا هَلْ أَتَى تَيْم بْنَ عَبْدِ مَنَاءَةٍ
عَلَى النَّأيِ فِيمَا بَيْنَنَا ابْنُ تَمِيمِ
جزء : ١٨ رقم الصفحة : ١٧٧
وقد أنكر أبو عبيدة قراءة ابْنِ كثير، وقال : لم أسمع الْهَمْز.
قال شهاب الدين : قد سمعه غيرهُ، والبيت حجَّةٌ عليه.
وأما قراءة العامة فاشتقاقها من مَنَى يَمْنِي أي صَبَّ لأن دِمَاءَ النَّسائك كانت تُصَبُّ عندَها، وأنشدوا لجرير : ٤٥٥٩ - أَزَيْدَ مَنَاةَ تُوعِدُ يَا ابْنَ تَيْمٍ
تَأَمَّلْ أَيْنَ تَاهَ بِكَ الوَعِيدُ
وقال أبو البقاء : وألفه عن ياء كقولك : مَنَى يَمْنِي إذا قدر، ويجوز أن تكون من الواو، ومنه مَنَوَانِ فوزنها على قراءة القصر فَعَلَةٌ.
١٨٠