الثاني : لُؤْلَى - بلام مضمومة، ثم بهمزة ساكنة.
الثالث : كابتداء ابن كثير ومن معه.
الثالثة : قرأ ورشٌ عاداً لُّولى بإدغام التنوين في اللام ونقل حركة الهمزة إليها كقالون، إلا أنه أبقى الواو على حالها غير مبدلةٍ همزةً.
هذا (كله) في الوصل وأما في الابتداء فله وجهان الُؤْلَى بالهمزة والنقل، ولُولَى بالنقل دون همزة وصل.
والواو ساكنة على حالها في هذين الوجهين.
الرابعة : قرأ أبو عمرو كورشٍ وصلاً وابتداءً سواءً بسواءٍ إلاّ أنه يزيد عليه في الابتداء بوجه ثالث وهو وجه ابن كثير وَمَنْ مَعَه.
فقد تحصل أن لكل من قالون وأبي عمرو في الابتداء ثلاثةَ أوجهٍ وأن لورشٍ وَجْهَيْنِ ؛ فتأمل ذلك، فإنَّ تحريره ضعيفُ المأخذ من كتب القراءات.
وأما توجيهها فيتوقف على معرفة ثلاثة أصول : الأول : حكم التنوين إذا وقع بعده ساكن.
الثاني : حكم حركة النقل.
الثالث : أصل " أولى " ما هو.
أما الأول فحكم التنوين الملاقي أن يكسر لالتقاء الساكنين نحو :﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٍ اللَّهُ﴾ [الإخلاص : ١ - ٢] أو يحذف تشبيهاً بحرف العلة كقراءة :﴿أَحدُ اللَّهُ الصَّمَدُ﴾ وكَقَوْلِهِ :
٤٥٧٤ - وَلاَ ذَاكِرَ اللَّهَ إلاَّ قَلِيلاَ
وهو قليل جداً.
وقد مضى تحقيقه.
وأما الثاني : فإن للعرب في الحركة المنقولة مذهبين الاعتداد بالحركة، وعدم الاعتداد بها وهي اللغة الغالبة.
وأما الثالث : فأُولَى تأنيث " أَوَّل ".
وقد تقدم الخلاف في أصله في :" أَوَّل " فليُلْتَفَتْ إليه.
إذا تقررت هذه الأصول الثلاثة فأقول :
٢١٧
أما قراءة ابن كثير ومن معه فإنهم صرفوا " عاداً " إمّا لأنه اسم للحيّ أو الأب فليس فيه ما يمنعه، وإمَّا لأنه وإن كان مؤنثاً اسماً للقبيلة أو الأم إلا أنه مثل هنْد ودَعْد، فيجوز فيه الصرف وعدمه فيكون كقوله : ٤٥٧٦ - لَمْ تَتَلَفَّعْ بِفَضْلِ مِئْزرِهَا
دَعْدٌ ولم تُسْقَ دَعْدُ فِي العُلَبِ
جزء : ١٨ رقم الصفحة : ٢٠٠
فصرفها أولاً ومنعها ثانياً.
ولم ينقلوا حركة الهمزة إلى لام التعريف فالتقى ساكنان فكسروا التنوينَ لالتقائهما على ما هو المعروف من اللّغتين.
وحذفوا همزة الوصل من الأولى للاستغناء عنها بحركة التنوين وصلاً، فإذا ابتدأوا بها احتاجوا إلى همزة الوصل فأتوا بها، فقالوا " الأولى " كنظيرها من همزات الوصل، وهذه قراءة واضحة لا إشكال فيها ومن ثم اختارها الجَمُّ الْغَفيرُ.
وأما قراءة من أدغم التنوين في لام التعريف - وهما نافع وأبو عمرو - مع اختلافهما في أشياء كما تقدم فوجهه الاعتدادُ بحركة النقل، وذلك أن من العرب من إذا نقل حركة الهمزة إلى ساكن قبلها كَلاَم التعريف عَامَلَها مُعَامَلَتَها ساكنةً، ولا يعتدُّ بحركة النقل فيكسر الساكن الواقع قبلها، ولا يُدْغِم فيها التنوين ويأتي قبلها بهمزة الوصل فيقول : لَمْ يَذْهَب الْحَمَرُ، ورأيت زياداً الْعَجَمَ من غير إدغام التنوين، والحمر والعجم بهمزة الوصل ؛ لأن اللام في حكم السكون، وهذه هي اللغة المشهورة.
ومنهم من يعتدّ بها فلا يكسر الساكن الأول ولا يأتي بهمزة الوصل ويُدْغم التنوين في لام التعريف فيقول : لم يذهبْ لحمرُ - بسكون الباء - " ولحمر ولعجم " من غير همز، وزياد لَّعْجعم بتشديد اللام وعلى هذه اللغة جاءت هذه القراءةُ.
هذا من حيث الإجمال وأما من حيث التفصيل فأقول : أما قالونُ فإنه نقل حركة الهمزة إلى لام التعريف وإن لم يكن من أصله النقل لأجل قصده التخفيف بالإدْغَام ولما نقل الحركة اعتدَّ بها ؛ إذ لا يمكن الإدغام في ساكن ولا ما هو في حكمه.
٢١٨
وأما همزة الواو ففيها وجهان منقولان : أحدهما : أن يكون " أولى " أصلها عنده وُؤْلَى من وَأَلَ أي نَجَا كما هو قول الكوفيين، ثم بدل الواو الأولى همزة، لأنها واو مضمومة وقد تقدم أنها لغة مُطَّرِدَة.
فاجتمع همزتان ثانيهما ساكنة فوجب قلبها واواً نحو : أومِنُ، فلما حذفت الهمزة الأولى بسبب نقل حركتها رجعت الثانية إلى أصلها من الهمز ؛ لأنها إنما قلبت واواً من أجل الأولى وقد زالت.
وهذا تكلف لا دليل عليه.
والثاني : أنه لما نقل الحركة إلى اللام صارت الضّمة قبل الواو كأنها عليهما ؛ لأن حركة الحرف بين يديه فأبدل الواو همزة كقوله :
٤٥٧٧ - أَحَبُّ المُؤقِدَيْنِ إلَيَّ مُؤْسَى


الصفحة التالية
Icon