وكقراءة " يُؤقِنُونَ " وهمزة ﴿السُّؤْقِ﴾ [ص : ٣٣] و ﴿سُؤْقِهِ﴾ [الفتح : ٢٩] كما تقدم تحريره.
وهذا بناء منه على الاعتداد بالحركة أيضاً.
وليس في هذا الوجه دليلٌ على أصل " أولى " عنده ما هو فيحتمل الخلاف المذكور جميعه.
وأما ابتداؤه الكلمة من غير نَقْل، فإنه الأصل، ولأنه إنما ثقل في الوصل لقصده التخفيف بالإدغام ولا إدغام في الابتداء فلا حاجة إلى النقل، ولأنه إنما ثقل في الوصل وأما الابتداء بالنقل فلأنه محمول على الوصل ليجري اللفظ فيهما على سَنَنٍ واحد.
وعلة إثبات ألف الوصل مع النقل في أحدِ وَجْهَيْنِ : ترك الاعتداد بحركة اللام على ما هي عليه القراءة في نظائره مما وجد فيه النقل ؛ إذ الغرض إنما هو جَرْي اللفظ في الابتداء والوصل على سَنَنٍ واحد وذلك يحصل بمجرد النقل وإن اختلفا في تقدير الاعتداد بالحركة وتركه.
وعلة ترك الإتيان بألف في الوجه الثاني حمل الابتداء على الوصل في النقل والاعتداد بالحركة جميعا ويقوِّي هذا الوجه رسمُ (الأولى) في هذا الموضع بغير ألف.
والكلام في همز الواو مع النقل في الابتداء كالكلام عليه في الوصل كما تقدم.
وأما ورش فإن أصله أن ينقل حركة الهمزة على اللام في الوصل فنقل على أصله إلا أنه اعتد بالحركة ليصح ما قصده من التخفيف بالإدغام وليس من أصله الاعتداد
٢١٩
بالحركة في نحو ذلك، ألا ترى أنه يحذف الألف في (سِيرَتِهَا الأولَى) [و] " وَيَتَجنُبهَا الأَشْقَى " ولو اعتد بالحركة لم يحْذِفْهَا.
وأما ما جاز عنه في بعض الروايات :﴿قالوا لاَنَ جِئْتَ﴾ [البقرة : ٧١] ؛ فإنه وجه نادرٌ ومُعَلَّل باتِّباع الأثر والجمع بين اللغتين والابتداء له بالنقل على أصله في ذلك أيضاً والابتداء له بألف الوصل على ترك الاعتداد بالحركة إذْ لا حاجةَ إلى قصد ذلك في الابتداء وترك الإتيان له بالألف على الاعتداد له بالحركة حملاً للابتداء على الوصل وموافقة الرسم أيضاً ولا يبتدأ له بالأصل ؛ إذ ليس من أصله ذلك، و " الأولى " في قراءته تحتمل الخلاف المذكور في أصلها.
وأما قراءة أبي عمرو فالعلة له في قوله في الوصل والابتداء كالعلة المتقدمة لقالونَ، إلا أنه يخالفه في همز الواو ؛ لأنه لم يعطِها حكم ما جاورها، فليست عنده من " وَأَلَ " بل من غير هذا الوجه كما تقدم الخلاف في أول هذا الكتاب، ويجوز أن يكون أصلها عنده من " وَأَلَ " أيضاً إلا أنه أبدل في حال النقل مبالغةً في التخفيف أو موافقة لحال ترك النقل.
وقد عاب هذه القراءة - أعني قراءةَ الإدْغَام - أبو عثمانَ وأبو العباس ذهاباً منهما إلى أن اللغة الفصيحة عدم الاعتداد بالعارض، ولكن لا التفات إلى ردِّها لثُبُوت ذلك لغةً وقراءةً وإن كان غيرها أفصح منها وقد ثبت عن العرب أنهم يقولون الَحْمَرَ ولَحْمَر بهمزة الوصل وعدمها مع النقل والله أعلم.
وقرأ أبيّ - وهِيَ في حَرْفِهِ - " عَادَ الأُولى " غير مصروف ذهاباً به إلى القبيلة أو الأم كما تقدم ؛ ففيه العلمية والتأنيث، ويدل على التأنيث قوله " الأُولى " فوصفها بوصف المؤنث.

فصل عاد الأولى هم قوم هود أهلكوا بريح صَرْصَر، وكان لهم عقب فكانوا عاداً الأخرى.


قال القرطبي : سماها الأولى، لأنهم كانوا قبل ثمود.
وقيل : إنّ ثمود من قبل عاد.
وقال ابن زيد : قيل لها عاد الأولى لأنها أول أمة أهلكت بعد نوح - عليه الصلاة
٢٢٠


الصفحة التالية
Icon