الخضر التي منها الفواكه الأرضية والفواكه الشجرية، وذكر منها نوعين وهما الرمان والرطب ؛ لأنهما متقابلان.
أحدهما : حلو، والآخر : حامض.
وأحدهما : حار، والآخر : بارد.
وأحدهما : فاكهة وغذاء، والآخر : فاكهة ودواء.
وأحدهما : من فواكه البلاد الباردة، والآخر : من فواكه البلاد الحارة.
وأحدهما : أشجار في غاية الطول والكبر، والآخر : أشجاره بالضّد.
وأحدهما : ما يؤكل منه بارز، وما لا يؤكل كامن، فهما كالضدين، والإشارة إلى الطرفين تتناول الإشارة إلى ما بينهما كقوله تعالى :﴿رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ﴾ [الرحمن : ١٧].

فصل في الكلام على نخل ورمان الجنة قال ابن عباس : الرمانة في الجنة ملء جلد البعير المُقَتَّب.


وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : نخل الجَنة : جذوعها زمرد أخضر، وكرمُها ذهب أحمر، وسعفُها كسوة لأهل الجنة، فيها (مقطعاتهم) وحللهم، وثمرها أمثال القلال والدِّلاء، أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وألين من الزُّبد، ليس له عجم.
وفي رواية : كلما نزعت ثمرة عادت مكانها أخرى، وإن ماءها ليجري في غير أخدود، والعنقود : اثنا عشر ذراعاً.
قوله تعالى :﴿فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ﴾.
في " خيرات " وجهان : أحدهما : أنه جمع " خَيْرة " من الخير، بزنة " فعْلة " - بسكون العين - يقال :" امرأة خَيْرة وأخرى شَرّة ".
٣٥٨
والثاني : أنه جمع " خيرة " المخفف من " خَيِّرة "، ويدل على ذلك قراءة ابن مقسم والنهدي، وبكر بن حبيب :" خيّرات " بتشديد الياء.
قال القرطبي :" وهي قراءة قتادة، وابن السميفع، وأبي رجاء العطاردي ".
وقرأ أبو عمرو :" خَيَرَات " بفتح الياء، جمع " خَيَرة "، وهي شاذة ؛ لأن العين معلة، إلا أن بني " هُذَيل " تعامله معاملة الصحيح، فيقولون :" حورات وبيضات ".
وأنشد :[الطويل] ٤٦٦١ - أخُو بَيَضَاتٍ رَائِحٌ مُتَأوِّبٌ
رَفِيقٌ بِمَسْحِ المَنْكِبَيْنِ سَبُوحُ
جزء : ١٨ رقم الصفحة : ٣٥٤
فصل في تفسير الآية قال المفسرون :" الخيرات الحسان " يعني النِّساء، الواحدة " خيرة " على معنى " ذوات خير ".
وقيل :" خيرات " بمعنى " خيِّرات "، فخفف كـ " هَيِّن وليِّن ".
روى الحسن عن أمّه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت :" قلت لرسول الله ﷺ : أخبرني عن قوله :" خَيْراتٌ حِسَان " قال :" خَيراتُ الأخلاقِ حسانُ الوُجوهِ ".
وقال أبو صالح : لأنَّهُنَّ عَذَارى أبْكَارٌ.
وقال الحكيم الترمذي : فـ " الخيرات "، ما اختارهنّ الله فأبدع خلقهنّ باختياره، فاختيار الله لا يشبه اختيار الآدميين، ثم قال :" حِسانٌ " فوصفهن بالحسن ؛ فإذا وصف الله خالق الحسن شباباً بالحسن، فانظر ما هناك.
وقال ابن الخطيب :" في باطنهن الخير، وفي ظاهرهنّ الحسن ".
قوله تعالى :﴿حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ﴾.
معنى " مقصورات " : أي : محبوسات ومنه القصر ؛ لأنه يحبس من فيه.
٣٥٩
ومنه قول النحاة :" المقصور "، لأنه حبس عن المد، وحبس عن الإعراب أو حبس الإعراب فيه، والنساء تمدح بملازمتهن البيوت كما قال قيس بن الأسلت :[الطويل] ٤٦٦٢ - وتَكْسَلُ عَنْ جِيرَانِهَا فَيَزُرنهَا
وتغْفُلُ عَنْ أبْيَاتِهِنَّ فتُعْذَرُ
ويقال : امرأة مقصورة وقصيرة، وقصورة بمعنى واحد.
قال كثير عزة فيه :[الطويل] ٤٦٦٣ - وأنْتِ الَّتِي حبَّبْتِ كُلَّ قصيرةٍ
إليَّ، ولَمْ تَعْلَمْ بذاكَ القَصَائِرُ
عَنَيْتُ قِصاراتِ الحِجَالِ ولمْ أردْ
قِصَارَ الخُطَا، شرُّ النِّساءِ البَحاتِرُ
و " الخيام " : جمع " خَيْمة "، وهي تكون من ثُمام وسائر الحشيش، فإن كانت من شعر، فلا يقال لها : خيمة، بل بيت.
قال جرير :[الوافر] ٤٦٦٤ - مَتَى كَانَ الخِيَامُ بِذِي طُلُوحٍ
سُقيتِ الغَيْثَ أيَّتُهَا الخِيَامُ

فصل في أن جمال الحور يفوق الآدميات اختلفوا أيهما أكثر حسناً وأتم جمالاً الحور أو الآدميات.


فقيل : الحور لما ذكر من صفتهن في القرآن والسُّنة، ولقوله ﷺ في دعائه في صلاة الجنائز :" وأبْدِلْ لَهُ دَاراً خَيْراً مِنْ داره، وأبْدِلْ لَهُ زَوْجاً خَيْراً من زَوْجِه ".
وقيل : الآدميات أفضل من الحور العين بسبعين ألف ضعف، روي ذلك مرفوعاً.
٣٦٠


الصفحة التالية
Icon