الثاني : أنه مضمر، أي : اذكر، فيكون مفعولاً به.
الثالث : أنهم يُؤجَرُون " يوم ترى " فهو ظرف على أصله.
الرابع : أن العامل فيه " يسعى " أي : يسعى نور المؤمنين والمؤمنات يوم تراهم هذا أصله.
الخامس : أن العامل فيه " فيُضَاعفه ".
قالهما أبو البقاء.
قوله :" يَسْعَى " حال ؛ لأن الرُّؤية بصرية، وهذا إذا لم تجعله عاملاً في " يوم "، و " بين أيديهم " ظرف للسعي، ويجوز أن يكون حالاً من " نورهم ".
قوله :" وبأيمانهم "، أي : وجهة أيمانهم.
وهذه قراءة العامة، أعني بفتح الهمزة جمع يمين.
وقيل : الباء بمعنى " عن " أي : عن جميع جهاتهم، وإنما خص الأيمان لأنها أشرف الجهات.
وقرأ أبو حيوة وسهل بن شعيب : بكسرها.
وهذا المصدر معطوف على الظرف قبله، والباء سببية، أي : يسعى كائناً وثابتاً بسبب أيمانهم.
وقال أبو البقاء : تقديره : وبأيمانهم استحقُّوه، أو بأيمانهم يقال لهم : بُشْرَاكُم.

فصل في المراد بهذا اليوم المراد من هذا يوم المُحاسبة.


واختلفوا في هذا النور.
فقال الحسن : هو الضياء الذي يمرون فيه " بين أيديهم " أي : قدَّامهم.
" وبأيمانهم "، قال الفرَّاء :" الباء " بمعنى " في " أي : في أيمانهم، أو بمعنى :" عن أيمانهم ".
وقال الضحاك : النور هُداهم، وبأيمانهم كتبهم، واختاره الطبري.
أي : يسعى إيمانهم وعملهم الصالح بين أيديهم، وفي أيمانهم كتب أعمالهم، فـ " الباء " على هذا بمعنى " في "، ويجوز على هذا أن يوقف على " بين أيديهم " ولا يوقف إذا كانت بمعنى " عن ".
٤٦٨
وعلى قراءة سهل بن شعيب وأبي حيوة :" وبإيمانهم " بكسر الألف، أراد الإيمان الذي هو ضد الكُفر، وعطف ما ليس بظرف على الظَّرف لأن معنى الظرف الحال، وهو متعلق بمحذوف.
والمعنى : يسعى كائناً بين أيديهم، وكائناً بأيمانهم.
وقيل : أراد بالنور : القرآن.
وعن ابن مسعود :" يؤتون نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يؤتى نوره كالنَّخلة ومنهم من يؤتى نوره كالرجل القائم، وأدناهم نوراً من نوره على إبهام رجله، فيطفأ مرة ويوقد أخرى ".
قال الحسن : ليَسْتَضيئُوا به على الصِّراط.
وقال مقاتل : ليكون لهم دليلاً إلى الجنَّة.
قوله :﴿بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ﴾.
" بُشْرَاكم " مبتدأ، و " اليوم " ظرف، و " جنَّات " خبره على حذف مضاف أي : دخول جنَّات وهذه الجملة في محل نصب بقول مُقدَّر، وهو العامل في الظرف، يقال لهم : بُشراكم اليوم دخول جنَّات.
قال القرطبي :" ولا بُدَّ من تقدير حذف المضاف ؛ لأن البُشْرَى حدث، والجنة عين، فلا تكون هي هي ".
وقال مكي : وأجاز الفراء نصب " جنَّات " على الحال، ويكون " اليوم " خبر " بشراكم " قال :" وكون " جنَّات " حالاً لا معنى له ؛ إذ ليس فيها معنى فعل، وأجاز أن يكون " بُشْرَاكم " في موضع نصب على " يبشرونهم بالبُشْرَى "، وينصب " جنات " بالبشرى وكله بعيد، لأنه يفصل بين الصلة والموصول باليوم ".
انتهى.
وعجيب من الفرَّاء كيف يصدر عنه ما لا يتعقّل، ولا يجوز صناعة، كيف تكون جنات حالاً، وماذا صاحب الحال ؟.
٤٦٩


الصفحة التالية
Icon