للخير، والأجر، سواء كان مجلس حَرْب أو ذكر، أو مجلس يوم الجمعة، وإن كل واحد أحق بمكانه الذي سبق إليه.
قال رسول الله ﷺ :" مَنْ سَبَقَ إلى مَا سَبَقَ إليْهِ فَهُوَ أحقُّ بِهِ ولكِنْ يُوسِّعُ لأخيهِ ما لم يتأذَّى بذلكَ فيُخْرجهُ الضَّيْقُ من موضعه ".
روى البخاري ومسلم عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي ﷺ قال :" لا يُقِيمُ الرَّجلُ الرَّجُلَ مِنْ مَجْلِسِهِ ثُمَّ يَجْلِسُ فِيْه ".
وعن النبي ﷺ أنه نهى أن يقام الرجل من مجلسه، ويجلس فيه آخر، ولكن تفسّحوا وتوسّعوا.
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يكره أن يقيم الرجل من مجلسه، ثم يجلس مكانه.
وروى أبو هريرة عن جابر - رضي الله عنهما - عن النبي ﷺ قال :" لا يُقِيمنَّ أحَدُكُمْ أخَاهُ يَوْمَ الجُمعَةِ ثُمَّ يُخَالفُ إلى مَقْعَدهِ، فَيقْعُدَ فِيْهِ، ولكِنْ يقُولُ : أفسحوا ".
فصل إذا قام من مكانه، فقعد غيرهُ نظرنا، فإن كان الموضع الذي قام إليه مثل الأول في سماع كلام الإمام، لم يكره له ذلك، وإن كان أبعد من الإمام كره له ذلك ؛ لأن فيه تفويت حظه.
فصل إذا أمر رجل إنساناً أن يبكر إلى الجامع، فيأخذ له مكاناً يقعد فيه لا يكره، فإذا جاء الآمر يقوم من الموضع ؛ لأن ابن سيرينَ كان يرسل غلامه إلى مجلس له في يوم الجمعة، فيجلس فيه، فإذا جاء قام له منه، وعلى هذا من أرسل بساطاً أو سجَّادة، فيبسط له في موضع من المسجد أنه لا يزعج منه.
وروى مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال :" إذَا قَامَ أحَدُكُمْ " - وفي حديث
٥٤٣
أبي عوانة :" مَنْ قَامَ مِنْ مَجْلسهِ - ثُمَّ رَجَعَ إليْهِ فَهُوَ أحَقُّ بِهِ " ذكره القرطبي في " تفسيره ".
قوله :﴿يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ﴾.
قال ابن الخطيب : هذا مطلق فيما يطلب النَّاس الفسحة فيه من المكان والرزق والصدر والقبر والجنة، قال : ولا ينبغي للعاقل أن يقيد الآية بالتفسُّح في المجلس بل المراد منه إيصال الخير إلى المسلم وإدخال السرور في قلبه.
قوله :﴿وَإِذَا قِيلَ انشُزُواْ فَانشُزُواْ﴾.
قرأ نافع، وابن عامر، وأبو بكر بخلاف عنه بضم شين " انْشُزُوا " في الحرفين، والباقون : بكسرهما، وهما لغتان بمعنى واحد، يقال : نشز أي : ارتفع، يَنْشِزُ ويَنْشُزُ كـ " عَرَشَ يَعْرِشُ ويَعْرُشُ ؛ وعَكَفَ يَعْكفُ ويَعْكُفُ " وتقدم الكلام على هذا في " المائدة ".
فصل في معنى انشزوا قال ابن عباس : معناه إذا قيل لكم : ارتفعوا فارتفعوا.
قال مجاهد والضحاك : إذا نودي للصَّلاة فقوموا إليها، وذلك أن رجالاً تثاقلوا عن الصلاة، فنزلت.
وقال الحسن ومجاهد أيضاً : انهضوا إلى الحرب.
وقال ابن زيد والزَّجَّاج : هذا في بيت النبي ﷺ كان كل رجل منهم يحب أن يكون آخر عهده بالنبي ﷺ فقال الله تعالى :﴿وَإِذَا قِيلَ انشُزُواْ﴾ عن النبي ﷺ " فانْشُزُوا " أي ارتفعوا عنه فإن له حوائج فلا تمكثوا.
٥٤٤