وعن قتادة : من أحراركم، وذلك يوجب اختصاص الشهادة على الرجعة بالذكور دون الإناث ؛ لأن " ذَوَيْ " للمذكر.
قال القرطبي :" ولذلك قال علماؤنا : ولا مدخل للنساء فيما عدا الأموال ".
قوله :﴿وَأَقِيمُواْ الشَّهَادَةَ لِلَّهِ﴾ كما تقدم في " البقرة ".
أي : تقرباً إلى الله في إقامة لاشهادة على وجهها إذا مست الحاجة إليها من غير تبديل ولا تغيير.
قوله :﴿ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ﴾ أي : يرضى به ﴿مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ فأما غير المؤمن فلا ينتفع بهذه المواعظ.
قال الزمخشري :" قوله :﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً﴾ جملة اعتراضية مؤكدة لما سبق من أمر الطلاق على السُّنَّة " كما مر.
روي أن النبي ﷺ سئل عمن طلق زوجته ثلاثاً أو ألفاً هل له من مخرج ؟ [فتلاها].
وقال ابن عباس والشعبي والضحاك : هذا في الطلاق خاصة، أي : من طلق كما أمره الله يكن له مخرج في الرجعة في العدة، وأن يكون كأحد الخطاب بعد العدة.
وعن ابن عبَّاس أيضاً : يجعل له محرجاً ينجِّيه من كل كربٍ في الرجعة في الدنيا والآخرة.
وقيل : المخرج هو أن يقنعه الله بما رزقه.
قاله علي بن صالح.
١٥٦
وقال الكلبي :﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ﴾ بالصَّبر عند المصيبة ﴿يجعل له مخرجاً﴾ من النار إلى الجنة.
وقال الحسن : مخرجاً مما نهى الله عنه.
وقال أبو العالية : مخرجاً من كل شدة.
وقال الربيع بن خيثم : مخرجاً من كل شيء ضاق على الناس.
وقال الحسين بن الفضل :﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ﴾ في أداء الفرائض ﴿يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً﴾ من العقوبة ﴿وَيَرْزُقْهُ﴾ الثواب ﴿مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ﴾ أن يبارك له فيما آتاعه.
وقال سهل بن عبد الله :﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ﴾ في اتباع السُّنَّة ﴿يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً﴾ من عقوبة أهل البدع ﴿مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ﴾.
وقال أبو سعيد الخدري : ومن تبرأ من حوله وقوَّتهِ بالرجوع إلى اللَّه ﴿يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً﴾ مما كلفه الله بالمعونة.
وقال ابن مسعود ومسروق : الآية على العموم.
وقال أبو ذر :" قال النبي ﷺ :" إنِّي لأعلمُ آيَةً لوْ أخَذَ النَّاسُ بِهَا لَكَفَتهُمْ " وتلا :﴿مَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ﴾ " [فما زال يكررها ويعيدها.
وقال ابن عباس :" قرأ النبي ﷺ ﴿ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويزرقه من حيث لا يحتسب﴾ " ] قال :" مخرجاً من شُبهات الدنيا، ومن غمرات الموتِ، ومن شدائد يوم القيامة " وقال أكثر المفسرين : نزلت في عوف بن مالك الأشجعي، " أسر المشركون ابناً له يسمى سالماً، فأتى رسول الله ﷺ يشتكي إليه الفاقة، وقال : إن العدوّ أسر ابني وجزعت الأم، فما تأمرني ؟ قال - عليه الصلاة والسلام - :" اتِّق اللَّهَ واصْبِرْ، وآمُرُكَ وإيَّاهَا أن تَسْتَكْثِرَا من قول لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم "، فعاد إلى بيته، وقال
١٥٧
لامرأته : إن رسول الله ﷺ أمرني وإياك أن نستكثر من قول " لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " فقالت : نِعْمَ ما أمرنا به، فجعلا يقولان، فغفل العدو عن ابنه فساق غنمهم، وجاء بها إلى أبيه، وهي أربعة آلاف شاةٍ "، فنزلت الآية، وجعل النبي ﷺ تلك الأغنام له.
وروي أنه جاء وقد أصاب إبلاً من العدو، وكان فقيراً.
فقال الكلبي : إنه أصاب خمسين بعيراً.
وفي رواية : فانفلت ابنه من الأسر وركب ناقة للقوم ومر في طريقه بسرح لهم فاستاقه.
وقال مقاتل :" أصاب غنماً ومتاعاً، فقال أبوه للنبيّ ﷺ أيحل لي أن آكل مما أتي به ابني ؟ قال : نعم "، ونزلت :﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ﴾.
١٥٨