فما لم يحرمه الله،  فليس لأحد أن يحرمه،  ولا أن يصير بتحريمه حراماً،  ولم يثبت عن رسول الله ﷺ أنه قال لما أحله الله : هو حرام عليَّ،  وإنما أمتنع من مارية ليمين تقدمت منه،  وهو قوله :" واللَّهِ لا أقربُهَا بَعْدَ اليَوْمِ " وروى البغويُّ في تفسيره : أن حفصة لما أخبرت عائشة،  غضبت عائشةُ،  ولم تزل بنبي الله حتى حلف ألاَّ يقربها،  فقيل له :﴿لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ ؟ أي : لم تمتنع منه بسبب اليمين،  يعني : أقدم عليه،  وكفِّر.
 وثانيها : أنه يمين يكفرها،  قاله أبو بكر الصديق،  وعمر بن الخطاب،  وعبد الله بن مسعود،  وابن عباس : وعائشة - رضي الله عنهم - والأوزاعي،  وهو مقتضى الآية.
 قال سعيدُ بن جبيرٍ عن ابن عبَّاسٍ : إذا حرم الرجل عليه امرأته،  فإنما هي يمينٌ بكفرها.
 وقال ابن عباس - رضي الله عنهما - : لَقَدْ كَان لكُمْ في رسُولِ اللَّهِ أسْوَةٌ حَسَنةٌ.
 يعني أن النبي ﷺ حرم جاريته،  فقال تعالى :﴿لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ إلى قوله :﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ فكفَّر عن يمينه،  وصيَّر الحرام يمناً،  خرجه الدارقطني.
 وثالثها : أنه يجب فيها كفَّارة،  وليست بيمين،  قاله ابن مسعود ؛ لأن معنى اليمين عنده التحريم،  فوقعت الكفَّارة على المعنى،  والآية ترده.
 ورابعها : هي ظهارٌ،  ففيها كفارة الظهارِ،  قاله عثمانوأحمد بن حنبل وإسحاق،  ولأنه إنما حرم وطؤها،  والظهار أقل درجات التحريم.
 وخامسها : أنه إن نوى الظهار كان ظهاراً،  وإن نوى تحريم عينها عليه بغير طلاق تحريماً مطلقاً وجبت كفارة يمين،  وإن لم يُنْوِ فعليه كفارة يمين،  قاله الشافعي.
 وسادسها : أنها طلقة رجعية،  قاله عمر بن الخطاب،  والزهري،  وعبد العزيز بن أبي سلمة وابن الماجشون.
 وسابعها : أنها طلقة بائنة،  قاله حماد بن أبي سليمان،  وزيد بن ثابت،  ورواه ابن
١٨٨
خويزمنداد عن مالك ؛ ولأن الطلاق الرجعي لا يحرم المطلقة.
 وثامنها : أنها ثلاث تطليقات.
 قاله عليه بن أبي طالب كرم الله وجهه وزيد بن ثابت أيضاً،  وأبو هريرة ؛ لأنه التحريم المتيقن.
 وتاسعها : هي في المدخول بها ثلاث،  وينوي في المدخول بها.
 قاله عليه بن زيد والحسن والحكم،  وهو مشهور مذهب مالك ؛ لأن غير المدخول بها تبينها الطلقة،  وتحرمها.
 وعاشرها : هي ثلاث،  ولا ينوي بحال،  ولا في محل،  وإن لم يدخل بها،  قاله عبد الملك في " المبسوطة "،  وبه قال ابن أبي ليلى ؛ لأنه أخذ بالحُكْم الأعظم لهما ؛ لأنه لوصرح بالثلاث لغير لمدخول بها لنفذ.
 وحادي عشرها : هي في التي لم يدخل بها واحدة،  وفي المدخول بها ثلاث،  قاله أبو مصعب،  ومحمد بن الحكم.
 وثاني عشرها : أنه نوى الطَّلاق،  والظهار كان ما نوى،  وإن نوى الطلاق فواحدة بائنة إلا أن ينوي ثلاثاً،  فإن نوى اثنتين ألزمناه.
 وثالث عشرها : أنه لا ينعقد نيّة الظِّهار،  وإنما يكون طلاقاً.
 قاله ابن القاسم.
 ورابع عشرها : قا يحيى بن عمر : يكون طلاقاً،  فإن ارتجعها لم يجز له وطؤها،  حتى يكفر كفارة الظِّهار.
 وخامس عشرها : إن نوى الطلاق،  فما أراد من أعداده،  وإن نوى واحدة فهي رجعية،  وهو قول الشافعي - رضي الله عنه - وروي مثله عن أبي بكر وعمر وغيرهم من الصحابة والتابعين.
 وساس عشرها : إن نوى ثلاثاً،  فثلاثاً،  وإن نوى واحدة،  فواحدة،  وإن نوى يميناً فهي يمينٌ،  وإن لم ينو شيئاً،  فلا شيء عليه،  وهو قول سفيان،  وبه قال الأوزاعي وأبو ثور،  إلا أنهما قالا : لم ينو شيئاً فهي واحدة.
 وسابع عشرها : له نيتُهُ ولا يكون أقلّ من واحدة،  قاله ابن شهاب،  وإن لم ينو شيئاً لم يَكُنْ شيئاً.
 قال ابن العربي :" ورأيت لسعيد بن جبير،  وهو : الثامن عشر : إن عليه عتق رقبة وإن لم يجعلها ظهاراً،  ولست أعلم لها وجهاً،  ولا يبعد في المقالات عندي ".
١٨٩