جمع " حيزوم " وهو وسط الصدر.
وإذا خسف بإنسان دارت به الأرض، فهو المور.
قال ابن الخطيب : إن الله - تعالى - يحرك الأرض عند الخسف بهم حتى تضطرب وتتحرك، فتعلو عليهم وهم يخسفون فيها، فيذهبون والأرض فوقهم تمُور، فتقلبهم إلى أسفل السافلين.
قال القرطبي : قال المحققُون : أمنتم من فوق السَّماء، كقوله :﴿فَسِيحُواْ فِي الأَرْضِ﴾ [التوبة : ٢] أي : فوقها لا بالمماسة والتحيُّز، لكن بالقهر والتدبير.
وقيل : معناه : أمنتم من على السماء كقوله :﴿وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾، أي : عليها، ومعناه أنه مدبرها، ومالكها كما يقال : فلان على " العراق "، أي : وليها وأميرها، والأخبار في هذا صحيحة، وكثيرة منتشرة مشيرة إلى العلوّ، لا يدفعها إلا ملحد، أو جاهل أو معاند، والمراد بها توقيره وتنزيهه عن السفل والتحت، ووصفه بالعلو والعظمة، لا بالأماكن والجهات والحدود ؛ لأنها صفات الأجسام، وإنما ترفع الأيدي بالدعاء إلى السماء ؛ لأن السماء مهبط الوحْي، ومنزل القطر، ومحل القدس، ومعدن المطهرين من الملائكة، وإليه ترفع أعمال العباد، وفوقها عرشه وجنته كما جعل اللَّهُ الكعبة قبله للصلاة، فإنه خلق الملائك وهو غير محتاج إليها، وكان في أزله قبل خلق المكان والزمان، ولا مكان له ولا زمان وهو الآن على ما عليه كان.
قوله ﴿أَمْ أَمِنتُمْ مِّن فِي السَّمَآءِ أَن يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً﴾.
قال ابن عباس : أي : حجارة من السماء كما أرسلها على قوم لوطٍ وأصحاب الفيل.
وقيل : ريح فيها حجارة وحصباء كأنها تقلع الحصباء، لشدتها وقوتها.
وقيل : سحاب فيه حجارة.
قوله ﴿فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ﴾.
٢٤٩
قيل : هاهنا النذير : المنذرب، يعني محمداً ﷺ وهو قول عطاء عن ابن عباس والضحاك، والمعنى : فستعلمون رسولي، وصدقه ولكن حين لا ينفعكم ذلك.
وقيل : إنه بمعنى الإنذار، والمعنى فستعلمون عاقبة إنذاري إياكم بالكتاب والرسول، وكيف في قوله ﴿كَيْفَ نَذِيرِ﴾ [ينبىء] عن ما ذكرنا من صدق الرسول، وعقوبة الإنذار.
وقد تقدم أن " نَذِير، ونكير " مصدران بمعنى الإنذار ؛ والإنكار.
وأثبت ورش ياء " نذيري " وقفاً، وحذفها وصلاً، وحذفها الباقون في الحالين.
قوله :﴿وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾.
يعني كفار الأمم كقوم نوح، وعاد، وثمود، وغيرهم ﴿فَكَيْفَ كَانَ نكِيرِ﴾ أي : إنكاري وتغييري : قاله الواحدُّ.
وقال أبو مسلم : النكير عقاب المنكر، ثم قال : سقطت الياء من " نَذيرِي " ومن " نَكيرِي " حتى تشابه رءوس الآي المتقدمة عليها، والمتأخرة عنها.
جزء : ١٩ رقم الصفحة : ٢٤٢
قوله تعالى :﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ﴾.
لما ذكر ما تقدم من الوعيد ذكر البرهان على كمال قدرته، وعلى إيصال جميع أنواع العذاب إليهم، ومعناه كما ذلل الأرض للآدمي ذلل الهواء للطيور، وصافاتٍ : أي : باسطات أجنحتهن في الجو عند طيرانهن.
قال شهاب الدين :" صافَّاتٍ " يجوز أن يكون حالاً من " الطَّير "، وأن يكون حالاً من " فَوقَهُمْ " إذا جعلناه حالاً، فتكون متداخلة، و " فَوقَهُمْ " ظرف لـ " صافَّاتٍ " أو لـ " يَرَوا ".
قوله :" ويَقْبِضْنَ " عطف الفعل على الاسم ؛ لأنه بمعناه، أي : وقابضات، فالفعل
٢٥٠
هنا مؤول بالاسم عكس قوله :﴿إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُواْ﴾ [الحديد : ١٨] فإن الاسم هناك مؤول بالفعل وقد تقدم الاعتراض على ذلك.
وقول أبي البقاء : معطوف على اسم الفاعل حملاً على المعنى، أي : يصففن ويقبضن، أي " صافَّاتٍ وقَابضاتٍ " لا حاجة إلى تقديره : يصففن ويقبضن ؛ لأن الموضع للاسم فلا نؤوله بالفعل.
قال أبو حيان :" وعطف الفعل على الاسم لما كان في معناه، ومثله قوله تعالى :﴿فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحاً فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً﴾ [العاديات : ٣ - ٤]، ومثل هذا العطف فصيحٌ وكذا عكسه إلاَّ عند السُّهيلي ؛ فإنه قبيح ؛ نحو قوله :[الرجز] ٤٨٠٢ - بَاتَ يُغشِّيهَا بعَضْبٍ بَاتِر
يَقْصِدُ فِي أسْوُقِهَا وجَائرِ