سورة القلم
مكية في قول الحسن وعكرمة وعطاء وجابر، وقال ابن عباس وقتادة : من أولها إلى قوله ﴿سنسمه على الخطوم﴾[القلم : ١٦] مكي، ومن بعد ذلك إلى قوله﴿فهم يكتبون﴾[القلم : ٣٧] مكي، ومن بعد ذلك إلى قوله تعالى﴿من الصالحين﴾[القلم : ٥٠] مدني، وباقيها.
قاله الماوردي.
وهي اثنان وخمسون آية، وثلاثمائة كلمة، وألف ومائتان وستة وخمسون حرفا.
جزء : ١٩ رقم الصفحة : ٢٦٠
قوله تعالى " ن " كقوله ﴿صا وَالْقُرْآنِ﴾ [ص : ١]، وجواب القسم الجملة المنفية بعدها.
قال ابن عباس - رضي الله عنهما - هو الحوت الذي على ظهره الأرض، وهو قول مجاهدٍ ومقاتل والسدي والكلبي.
وروى أبو ظبيان عن ابن عباس قال : أول ما خلق الله القلم، يجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة ثم خلق النون فبسط الأرض على ظهره فتحرك النون، فمارت الأرض
٢٦١
فأثبتت بالجبال وإن الجبال لتفخر على الأرض، ثم قرأ ابن عباس :﴿نا وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ﴾.
قال الواقديُّ : اسم النون ليوثا.
وقال كعب الأحبار : لوثوثا.
وعن علي : اسمه تلهوت.
وقيل : إنه أقسم بالحوت الذي ابتلع يونس - عليه الصلاة والسلام -.
وقيل : الحوت الذي لطخ سهم نمروذ بدمه.
وقال الكلبي ومقاتل : اسم الحوت الذي على ظهر الأرض : البَهْمُوت.
قال الراجز :[الرجز] ٤٨٠٥ - مَا لِي أرَاكُمْ كُلَّكُمْ سُكُوتَا
واللَّهُ ربِّي خَلقَ البَهْمُوتَا
وروى عكرمة عن ابن عباس : أن نون آخر حروف الرحمن.
وقيل : إنه اسم للدواةِ، وهو أيضاً مروي عن ابن عباس.
قال القرطبيُّ : وروى أبو هريرة " قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :" أوّلُ ما خَلَقَ اللَّهُ القَلمَ، ثُمَّ خلقَ النُّون، وهي الدَّواةُ "، وذلك قوله تعالى " ن " والقلم ".
ومنه قول الشاعر :[الوافر] ٤٨٠٦ - إذَا مَا الشَّوْقُ يَبْرَحُ بِي إليْهِمْ
وألقَى النُّون بالدَّمْعِ السِّجامِ
ويكون على هذا قسماً بالدواة والقلم، فإن المنفعة بهما عظيمة بسبب الكتابةِ.
فإن التفاهم يحصل تارة بالنطق، وتارة بالكتابة.
وقيل : النون لوح من نون تكتب فيه الملائكةُ ما يؤمرون به، رواه معاوية بن قرة مرفوعاً.
وقيل : النون هو المداد الذي تكتب به الملائكة.
وقال عطاء وأبو العالية : هو افتتاح تعالى ناصر ونور ونصير، وقال محمد بن كعب : أقسم الله - تعالى - بنصره للمؤمنين.
٢٦٢
وقال جعفر الصادق : هو نهر من أنهار الجنَّة يقال له : نون.
وقيل : هو الحرف المعروف من حروف المعجم، قاله القشيري.
قال : لأنه حرف لم يعرل فلو كان كلمة تامة أعرب به القلمُ، فهو إذن حرف هجاء، كما في أوائل السور.
قال الزمشري :" وأما قولهم : هو الدواة فما أدري أهو وضع لغوي، أو شرعي، ولا يخلو إذا كان اسماً للدواة من أن يكون جنساً، أو علماً، فإن كان جنساً فأين الإعراب والتنوينُ وإن كان علماً فأين الإعراب ؟ وأيهما كان فلا بد له من موقع في تأليف الكلام ؛ لأنك إذا جعلته مقسماً به وجب إن كان جنساً أن تجره وتنونه، ويكون القسم بدواة منكرة مجهولة، كأنه قيل : ودواة والقلم، وإن كان علماً أن تصرفه وتجره أو لا تصرفه وتفتحه للعلمية والتأنيث، وكذلك التفسير بالحوت إما أن يراد نون من النينان، أو يجعل علماً للهبموت الذي يزعمون، والتفسير باللوح من نور أو ذهب والنهر في الجنَّة نحو ذلك ".
قال شهاب الدين :" وهذا الذي أورده أبو القاسم من محاسن علم الإعراب، وقلَّ من يتقنه ".
وقال ابن الخطيب بعد ذكر القول بأنه آخر حروف اسم الرحمن : وهذا ضعيف، لأن تجويزه يفتح باب ترهات الباطنية بل الحق هاهنا أنه اسم للسورة، أو يكون الغرض منه التحدي، وسائر الوجوه المذكورة في أول سورة البقرة.
فصل في قراءات " ن " قرأ العامة :" نُونْ " ساكن النون كنظائره.
وأدغم ابن عامر والكسائي وأبو بكر عن عاصم بلا خلاف، وورش بخلاف عنه النون في الواو، وأظهرها الباقون.
قال الفراء :" وإظهارها أعجب إليَّ، لأنها هجاء، والهجاء كالموقف عليه وإن اتصل " ونقل عمن أدغم الغنَّة، وعدمها.
وقرأ ابن عباس والحسن وأبو السِّمال وابن بي إسحاقَ : بكسر النون.
٢٦٣