وقال مجاهدٌ : ودوا لو ركنت إليهم وتركت الحق فيمالئونك.
وقال الربيع بن أنس : ودوا لو تكذب، فيكذبون.
وقال قتادة : ودوا لو تذهب عن هذا المر فيذهبوا.
وقال الحسنُ : ودوا لو تصانعهم في دينك فيصانعونك في دينهم، وعنه أيضاً : ودوا لو ترفض بعض أمرك فيرفضون بعضه أمرهم.
وقال زيد بن أسلم : ودّوا لو تنافق وترائي، فينافقون ويراءون.
وقيل : ودُّوا لو تضعف فيضعفون.
قاله أبو جعفر.
وقال القتيبي : ودوا لو تداهن في دينك فيداهنون في أديانهم، وعنه : طلبوا منه أن يعبد آلهتهم مدة ويعبدوا إلله مدة.
وهذان القولان الأخيران هما المتقدمان في معنى ﴿لَوْ تَكْفُرُونَ﴾ [النساء : ٨٩] ومعنى : لو تصانعهم وقال ابن العربي : ذكر المفسرون فيها نحو عشرة أقوالٍ، كلها دعاوى على اللغة والمعنى، وأمثلها قولهم " ودُّوا لو تكذبُ فيكذبون، ودوالو تكفر فيكفرون ".
وقال القرطبيُّ : كلها إن شاء الله تعالى صحيحة على مقتضى اللغة والمعنى، فإن الإدهان اللين والمصانعة.
وقيل : المقاربة في الكلام والتليين في القول، وقال المفضل : النفاق وترك المناصحةِ، فهي على هذا الوجه مذمومة، وعلى الوجه الأول غير مذمومة وكل شيء منها لم يكن.
وقال المبردُ : أدهن في دينه، وداهن في أمره أي : خان فيه وأظهر خلاف ما يضمر.
وقال قوم : داهنت بمعنى واريت، وأدهنت بمعنى غششت، قاله الجوهري، وقوله :".
٢٧٤
فيُدْهِنُونَ " ساقه على العطف، ولو جاء به جواباً للنهي لقال :" فيُدْهِنُوا "، وإنما أراد أنهم تمنوا لو فعلت فيفعلون مثل فعلك عطفاً لا جزاء عليه ولا مكافأة، وإنما هو تمثيل وتنظير.
قوله :﴿وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ﴾.
قال السديُّ والشعبي وابن إسحاق : يعني الأخنس بن شريق.
وقال مجاهدٌ : يعني الأسود بن عبد يغوث، أو عبد الرحمن بن الأسود.
وقال مقاتل : يعني الوليد بن المغيرة عرض على النبي ﷺ مالاً، وحلف أنه يعطيه إن رجع عن دينه.
وقال ابن عباس : هو أبو جهل بن هشام.
والحلاف : الكثير الحلف.
و " المَهين " قال مجاهد : هو الضعيف القلب.
وقال ابن عباس : هو الكذاب، والكذاب مهين.
وقال الحسن وقتادة : هو المكثار في الشر.
وقال الكلبي : المهين : الفاجر.
وقال عبد الله : هو الحقير.
وقال ابن بحر : هو الذليل.
وقال الرماني : هو الوضيع لإكثاره من القبيح.
وهو " فعيل " من المهانة بمعنى القلبة، وهي هنا القلة في الرأي والمييز، أو هو " فعيل " بمعنى " مُفْعَل " والمعنى " مُهَان ".
قوله ﴿هَمَّازٍ﴾، الهماز : مثال مبالغة من الهمز، وهو في اللغة الضرب طعناً باليد والعصا، واستعير للمغتاب الذي يغتاب الناس كأنه يضربهم بإيذائه.
٢٧٥
وقال ابن زيد : الهمَّاز : الذي يهمز الناس بيده ويضربهم، واللمَّاز : باللسان.
وقيل الهمَّاز الذي يذكر الناس في وجوههم، واللمَّازُ : الذي يذكرهم في مغيبهم.
وقال مقاتل بالعكس، وقال مرة : هما سواء، ونحوه عن ابن عباس وقتادة.
قال الشاعر :[البسيط] ٤٨١١ - تُدْلِي بودٍّ إذَا لاقَيْتنِي كَذِباً
وإنْ تغَيَّبْتُ كُنْتَ الهَامِزَ اللُّمَزَهْ
جزء : ١٩ رقم الصفحة : ٢٧٢
والنميم : قيل : هو مصدر النميمة.
وقيل : هو جمعها أي اسم جنس كـ " تمرةٍ وتمرٍ "، وهو نقل الكلام الذي يسوء سامعه، ويحرش بين الناس.
وقال الزمخشري : والنميم والنميمة : السعاية، وأنشدني بعض العرب :[الرجز] ٤٨١٢ - تَشَبَّبِي تَشَبُّبَ النَّميمهْ
تَمْشِي بِهَا زَهْراً إلى تَمِيْمَه
والمشاء : مثال مبالغة من المشي، أي : يكثر السعاية بين الناس ليفسد بينهم، يقال : نَمَّ يَنِمُّ نميماً ونَمِيمَة، أي : يمشي ويسعى بالفسادِ.
وقال عليه الصلاة والسلام :" لا يَدخُلُ الجَنَّة نَمَّامٌ " والعتل : الذي يعتل الناس، أي : يحملهم، ويجرهم إلى ما يكرهون من حبس وضربٍ ومنه :﴿خُذُوهُ فَاعْتِلُوهُ﴾ [الدخان : ٤٧].
وقيل : العتل : الشديد الخصومة.
وقال أبو عبيد' : هو الفاحش اللئيم.
وأنشد : ٤٨١٣ - بِعُتُلٍّ مِنَ الرِّجالِ زَنِيمِ
يْرِ ذِي نَجْدةٍ وغَيْرِ كَريمِ
وقيل : الغليظ الجافي.
ويقال : عَتَلْتُه وعَتنتُهُ باللام والنون.
نقله يعقوب.
وقيل : العتل : الجافي الشديد في كفره.
٢٧٦
وقال الكلبيُّ والفراء : هو الشديد الخصومة بالباطل.
قال الجوهري : ويقال : عَتَلْتُ الرجل أعْتِلُهُ وأعْتُلُهُ إذا جذبته جذباً عنيفاً.
ورجل مِعْتَل - بالكسر -، والعَتَل أيضاً : الرمح الغليظ، ورجل عَتِلٌ - بالكسر - بين العتل، أي سريع إلى الشَّر ويقال : لا أنعتل معك، أي : لا أبرح مكاني.
وقال عبيد بن عمير : العتل : الأكول الشروب القوي الشديد يوضع في الميزان فلا يزن شعيرة، يدفع الملك من أولئك في جهنم بالدفعة الواحدة سبعين ألفاً.
والزنيم : الدعي بنسب إلى قوم ليس منهم.
قال حسانُ رضي الله عنه :[الطويل] ٤٨١٤ - زَنِيمٌ تَداعَاهُ الرِّجالُ زِيادَةً
كَمَا زيدَ في عَرْضِ الأديمِ الأكَارعُ
وقال أيضاً :[الوافر] ٤٨١٤ ب - زَنِيمُ ليسَ يُعْرَفُ مَنْ أبُوهُ


الصفحة التالية
Icon