بَغِيُّ الأمِّ ذُو حسب لَئِيمُ
وقال أيضاً :[الطويل] ٤٨١٥ - وأنْتَ زَنِيمٌ نيطَ في آلِ هَاشمٍ
كَمَا نِيطَ خَلْفَ الرَّاكبِ القَدَحُ الفَرْد
وأصله : من الزنمةِ، وهي ما بقي من جلد الماعز معلقاً في حلقها يترك عند القطع، فاستعير للدعي، لأنه كالمعلق بما ليس منه.
فصل فيمن هو الحلاف المهين تقدم القول في " الحلاف المَهين "، عن الشعبي والسديِّ وابن إسحاقَ : أنه الأخنس بن شريق، وعلى قول غيرهم : أنه الأسود بن عبد يغوث، أو عبد الرحمن بن الأسود، أو الوليد بن المغيرة، أو أبو جهل بن هشام، وتقدم تفسير " الهَمَّاز والمشَّاء بنميمٍ ".
وأما قوله " منَّاعٍ للخَيْرِ " أي : للمال أن ينفق في وجوهه.
وقال ابن عباس : يمنع عن الإسلام ولده وعشيرته.
قيل : كان للوليد بن المغيرة عشرةٌ من الولد، وكان يقول لهم ولأقاربه : من تبع منكم محمداً منعته رفدي.
وقال الحسنُ : يقول لهم : من دخل منكم في دين محمد لا أنفعه بشيء أبداً.
: وقوله " مُعْتَدٍ " أي : على الناس في الظلم، متجاوز للحد، صاحب باطل، وقوله
٢٧٧
" أثيمٍ " أي : ذا إثم، ومعناه " أثُوم "، فهو " فعيل " بمعنى " فَعُول ".
قال البغوي :" أثيم فاجر ".
وأما العتل فتقدم الكلام عليه في اللغة.
وقال - عليه الصلاة والسلام - :" ألاْ أخْبرُكمْ بأهْلِ الجنَّةِ ؟ قالوا : بَلَى، قال : كُلُّ ضعيفٍ مُتضعَّفٍّ، لَوْ أقسمَ على اللَّهِ لأبرَّهُ، ألا أخْبركُمْ بأَهْلِ النَّارِ ؟ قالوا : بَلَى، قال : كُلأ عُتُلٍّ جواظٍ مستكبرٍ " وفي رواية :" كُلُّ جوَّاظٍ زَنيمٍ مُستَكْبرٍ " " الجوَّاظ " الجمزع المنوع.
وقيل : الكثير اللحم، المختال في مشيته.
وقيل : القصير البطين.
وذكر الماورديُّ عن ابن مسعود أن النبي ﷺ قال :" لا يَدخُل الجنَّة جوَّاظ ولا جَعْظَرِي ولا العُتلُ الزَّنِيمُ " وقال ﷺ :" الجوَّاظ : الذي جمع ومنع، والجعظري : اللفظ الغليظ المتكبر " قال ابن الأثير :" وقيل : هو الذي ينتفخ بما ليس عنده، وفيه قصر ".
قال القرطبيُّ : وقال - عليه الصلاة والسلام - :" الشَّدِيدُ الخُلقِ، الرَّحيبُ الجوْفِ، المصحُّ الأكولُ، الشَّروبُ، الواجدُ للطعامِ، الظَّلُومُ للنَّاسِ " وعن زيد بن أسلم في قوله تعالى :﴿عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ﴾ قال : قال النبي ﷺ :" تَبْكِي السَّماءُ على رجُلٍ أصحَّ اللَّهُ جِسْمهَ ورحَبَ جوفه، وأعطاهُ من الدُّنْيَا بعضاً، فكانَ للنَّاسِ ظلُوماً، فذلك العُتُلَّ الزَّنِيمُ "
٢٧٨
وقوله " بَعْدَ ذلِكَ " أي مع ذلك، يريد ما وصفناه به " زنيم " وتقدم معنى الزنيم.
وعن ابن عباس : أنه رجل من قريش كانت له زنمة كزنمة الشاة.
وروى عنه ابن جبير : أنه الذي يعرف بالشر، كما تعرف الشاة بزنمتها.
وقال عكرمة : هو الذي يعرف بلؤمه، كما تعرف الشاة بزنمتها.
وقيل : إنه الذي يعرف بالأبنة، وهو مروي عن ابن عباس، وعنه : إنه الظلوم.
وقال مجاهدٌ :" زَنِيمٍ " كانت له ستة أصابع في يده في كل إبهام له أصبع زائدة.
وعنه أيضاً وسعيد بن المسيب وعكرمة : هو ولد الزنا الملحق في النسب بالقوم.
وكان الوليد دعياً في قريش ليس من سنخهم، ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة من مولده.
قال الشاعر :[الوافر] ٤٨١٦ - زَنِيمٌ ليْسَ يُعرفُ من أبُوهُ
بَغِيُّ الأمِّ ذُو حسبِ لَئِيم
جزء : ١٩ رقم الصفحة : ٢٧٢
قيل : بغتْ أمه ولم يعرف حتى نزلت الآية، وهذا لأن الغالب أن المنطقة إذا خبثت خبث الولدُ، كا روي أن النبي ﷺ قال :" لا يَدْخلُ الجنَّة ولدُ زِنَا، ولا ولَدُ وَلدِهِ " وقال عبد الله بن عمر : إن النبي ﷺ قال :" إنَّ أوْلادَ الزِّنَا يُحشَرُونَ يومَ القِيامةِ في صُورةِ القِرَدةِ والخَنازِيرِ " وقالت ميمونة : سمعت النبي ﷺ يقول :" لا تَزالُ أمَّتِي بخيْرٍ، مَا لَمْ يَفْشُ فِيهِمْ ولدُ الزِّنَا، فإذا فَشَى فيهِمْ ولدُ الزِّنَا أوشَكَ أنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بعذابٍ "
٢٧٩


الصفحة التالية
Icon