سورة المعارج
مكية، وهي أربعة وأربعون آية، ومائتان وستة غشر كلمة، وألف وإحدى وستون حرفا.
جزء : ١٩ رقم الصفحة : ٣٤٧
قوله تعالى :﴿سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ﴾.
قرأ نافع وابن عامرٍ :" سَالَ سَائِلٌ " بغير همز.
والباقون : بالهمز، فمن همز، فهو من السؤال، وهي اللغةُ الفاشيةُ.
ثم لك في " سأل " وجهان : أحدهما : أن يكون قد ضمن معنى " دعا " فلذلك تعدَّى بالباءِ، كما تقول : دعوتُ بكذا، والمعنى : دعا داعٍ بعذابٍ.
والثاني : أن يكون على أصله، والباء بمعنى " عن "، كقوله :[الطويل] ٤٨٥٦ م - فإنْ تَسْألُونِي بالنِّسَاءِ...
.......................
﴿فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً﴾ [الفرقان : ٥٩] وقد تقدم تحقيقه.
والأول أولى لأن التجوزَ في الفعل أولى منه في الحرف لقوته.
وأما القراءةُ بالألف ففيها ثلاثةُ أوجهٍ : أحدها : أنها بمعنى قراءة الهمزة، وإنما خففت بقلبها ألفاً، وليس بقياس تخفيف مثلها، بل قياس تخفيفها، جعلها بَيْنَ بَيْنَ، والباء على هذا الوجه كما في الوجه الذي تقدم.
٣٤٨
الثاني : أنَّها من " سَالَ يَسالُ " مثل : خَافَ يخافُ، وعين الكلمة واو.
قال الزمخشريُّ :" وهي لغةُ قريش، يقولون : سلت تسال، وهما يتسايلان ".
قال أبو حيَّان : وينبغي أن يثبت في قوله :" إنها لغةُ قريش " ؛ لأن ما جاء في القرآن من باب السؤال هو مهموز، أو أصله الهمز، كقراءة من قرأ ﴿وسَلُوا﴾ [النساء : ٣٢]، إذ لا يجوز أن يكون من " سَالَ " التي يكون عينها واواً، إذ كان يكون " وسالوا الله " مثل " خافوا " فيبعد أن يجيء ذلك كلُّه على لغةِ غير قريش، وهم الذين نزل القرآنُ بلغتهم إلا يسيراً فيه لغة غيرهم، ثم جاء في كلام الزمخشري : وهما " يتسايلان " بالياء، وهو وهم من النُّساخ، إنما الصواب : يتساولان - بالواو - لأنه صرح أولاً أنه من السؤال، يعني بالواو الصريحة.
وقد حكى أبو زيد عن العرب : إنهما يتساولان.
الثالث : إنها من السَّيلان، والمعنى :" سال " واد في جهنم، يقال له : سايل، وهو قول زيد بن ثابت.
فالعين ياء، ويؤيده قراءة ابن عباس :" سال سيل ".
قال الزمخشريُّ :" والسَّيل مصدر في معنى السَّائل، كالغَوْر بمعنى الغَائِر، والمعنى : اندفع عليهم وادي عذاب "، انتهى.
والظاهر الوجه الأول لثبوت ذلك لغة مشهورة، قال :[البسيط] ٤٨٥٧ - سَالَتْ هُذيْلٌ رَسُولَ اللَّهِ فَاحشَةً
ضَلَّتْ هُذِيْلٌ بِمَا سَالتْ ولمْ تُصِبِ
جزء : ١٩ رقم الصفحة : ٣٤٨