و " سلك "، وأسلك " يجوز أن يكونا فيهما ضُمِّنا معنى الإدخال، فلذلك يتعديان لاثنين ويجوز أن يقال : يتعديان إلى أحد المفعولين، بإسقاط الخافض، كقوله تعالى :﴿وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ﴾ [الأعراف : ١٥٥].
فالمعنى : ندخله عذاباً، أو نسلكه في عذابٍ، هذا إذا قلنا : إن " صَعَداً " مصدر.
قال الزمخشريُّ : يقال : صَعَداً وصُعُوداً، فوصف به العذاب لأنه يتصعد للمعذب، أي : يعلوه، وبغلبه، فلا يطيقه، ومنه قول عمر - رضي الله عنه - : ما تصعد شيء ما تصعدتني خطبةُ النِّكاح يقول : ما شقَّ عليَّ، ولا غلبني.
وأما إذا جعلناه اسماً لصخرة في جهنم، كما قاله ابن عباس - رضي الله عنهما - وغيره، فيجوز فيه وجهان : أحدهما : أن يكون " صعداً " فمعلواً به أي " يسلكه " في هذا الموضع ويكون " عذاباً " مفعولاً من أجله.
الثاني : أن يكون " عذاباً " مفعولاً ثانياً كما تقدم، و " صعداً " بدلاً من عذاباً، ولكن على حذف مضاف أي : عذاب صعد، وقرأ العامة بفتحتين، وقرأ ابن عباس والحسن بضم الصاد وفتح العين، وهو صفة تقتضي المبالغة كحُطَم ولُبَد، وقرىء بضمتينِ وهو وصف أيضاً كـ " جُنُب " و " شُلُل ".

فصل ومعنى عذاباً صعداً : أي شاقاً شديداً.


[وقيل عن ابن عباس :]هو جبل في جهنم، قال الخدريُّ : كلما جعلوا أيديهم عليه ذابت.
٤٣٠
وعن ابن عباس : إن المعنى مشقّة من العذاب، لأن الصعد في اللغة هو المشقة، تقول : تصعدني الأمرإذا شقَّ عليك، ومنه قول عمر المتقدم، والمشي في الصعود يشق، وصعود العقبة الكئودِ.
وقال عكرمةُ : هي صخرة في جهنم ملساء يكلف صعودها، فإذا انتهى إلى أعلاها حُدِر إلى جهنم.
وقال : يكُلَّفُ الوليدُ بن المغيرة أن يصعد جبلاً في النار من صخرةٍ ملساءَ يجذب من أمامه بسلاسل، ويضرب من خلقه بمقامع، حتَّى يبلغ أعلاها ولا يبلغ في أربعين سنة فإذا بلغ أعلاها أحدر إلى أسفلها، ثم يكلف صعودها، فذلك دأبه أبداً، وهو قوله :﴿سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً﴾ [المدثر : ١٧].
قوله :﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ﴾.
قد تقدم أن السبعة أجمعت على الفتح، بتقدير : وأوحي إليَّ ان المساجد للَّهِ.
وقال الخليل : أي ولأن المساجد، فحذف الجارُّ، ويتعلق بقوله " فلا تدعُوا ".
وجعلوه كقوله تعالى :﴿لإِيلاَفِ قُرَيْشٍ﴾ [قريش : ١] فإنه متعلق بقوله ﴿فَلْيَعْبُدُواْ﴾ كقوله :﴿إِنَّ هَـاذِهِ أُمَّتُكُمْ﴾ [الأنبياء : ٩٢].
وقرأ طلحة وابن هرمز :" وإنَّ المسَاجِدَ " - بالكسر..
، وهو يحتمل الاستئناف والتعليل، فيكون في المعنى كتقدير الخليل فصل في المراد بـ " المساجد " المساجدُ : قيل هي جمع " مسجد " - بالكسر - وهو موضع السجود، وقد تقدم أن قياسه الفتح.
وقيل : هو " مسجد " - بالفتح - مراداً بها الأعضاء الواردة في الحديثِ :" الجبهة والأنف والركبتان واليدان والقدمان "، وهو قول سعيد بن المسيب.
والمعنى : إن هذه الأعضاء أنعم الله بها عليكم فلا تسجد لغيره فتجحد نعمة الله، وقال عطاء : مساجدك أعضاؤك التي أمرت بالسجود عليها لا تذللها لغير خالقها.
قال - عليه الصلاة والسلام - " أمرت أن أسجد على سبيعن أعظم " وذكر الحديث، وقال عليه الصلاة والسلام :" إذَا سَجَدَ العَبْدُ سَجَدَ مَعهُ سَبعةُ أعْضَاءٍ " وقيل : بل جمع مسجد، وهو مصدر بمعنى السجودِ، ويكون الجمع لاختلاف الأنواع.
٤٣١


الصفحة التالية
Icon