ويقال : لاحَهُ يلُوحُه : إذا غير حليته.
قال أبو رزين : تلفح وجوههم لفحة تدعهم أشد سواداً من الليل، قال تعالى :﴿تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾ [المؤمنون : ١٠٤].
وطعن القائلون بالأول في هذا القول، فقالوا : لا يجوز أن يصفهم بتسويد الوجوهِ، مع قوله :﴿لاَ تُبْقِي وَلاَ تَذَرُ﴾.
٥١٧
وقيل : اللوح شدة العطش، يقال : لاحه العطش ولوحه : أي غيره، قال الأخفش : والمعنى أنها معطشة للبشر، أي : لأهلها ؛ وأنشد :[الطويل] ٤٩٦٨ - سَقَتْنِي على لَوْحِ من المَاءِ شَرْبةً
سَقَاهَا بِه اللَّهُ الرِّهامَ الغَوادِيَا
يعني باللوح : شدة العطش.
والرهام جمع رهمه - بالكسر - وهي المطرة الضعيفة وأرهمت السحابة : أتت بالرهام.
واللّثوح - بالضم - الهواء بين السماء والأض، والبشر : إما جمع بشرة، أي : مغيرة للجلود.
قاله مجاهد وقتادة، وجمع البشر : أبشار، وإما المراد به الإنس من أهل النار، وهو قول الجمهور.
واللام في " البشر " : مقوية، كهي في ﴿لِلرُّءْيَا تَعْبُرُونَ﴾ [يوسف : ٤٣].
وقراءة النصب في " لوَّاحَةً " مقوية، لكون " لا تُبْقِي " في محل الحال.
قوله تعالى :﴿عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ﴾، هذه الجملة فيها الوجهان : أعني : الحالية، والاستئناف وفي هذه الكلمة قراءات شاذة، وتوجيهات مشكلة.
فقرأ أبو جعفر وطلحة :" تِسعَة عْشرَ " - بسكون العين من " عشر " ؛ تخفيفاً ؛ لتوالي خمس حركات من جنس واحد، وهذه كقراءة ﴿أَحَدَ عَشْرَ كَوْكباً﴾ [يوسف : ٤] وقد تقدمت.
وقرأ أنس وابن عباس رضي الله عنهما " تِسعَةُ عشَرَ " بضم التاء، " عَشَر " بالفتح.
وهذه حركة بناء، لا يجوز أن يتوهم كونها إعراباً، إذ لو كانت للإعراب لجعلت في الاسم الأخير لتنزل الكلمتين منزلة الكلمة الواحدة، وإنما عدل إلى التسكين كراهة توالي خمس حركات.
وعن المهدوي :" من قرأ :" تِسْعَةُ عَشَرْ " فكأنه من التداخل، كأنه أراد العطف، فترك التركيب، ورفع هاء التأنيث، ثم راجع البناء، وأسكن " انتهى.
فجعل الحركة للإعراب، ويعني بقوله : أسكن راء " عَشَرْ " فإنه في هذه القراءة كذلك.
وعن أنس - رضي الله عنه - أيضاً :" تِسْعَةُ أعْشُرٍ " بضم " تِسْعَة " و أعْشُر " بهمزة مفتوحة، ثم عين ساكنة، ثم شيء مضمومة، وفيها وجهان :
٥١٨
قال أبو الفضل : يجوز أن يكون جمع " العشيرة " على " أعْشُر "، ثم أجراه مجرى " تِسْعَة عشر ".
وقال الزمخشريُّ : جمع " عَشِير " مثل : يَمِين وأيْمُن.
وعن أنس - أيضاً - :" تِسْعَةُ وعْشُرْ " بضم التاء وسكون العين وضم الشين وواو مفتوحة بدل الهمزة.
وتخريجها كتخريج ما قبلها، إلا أنه قلب الهمزة واواً مبالغة في التخفيف، والضمة - كما تقدم - للبناء لا للإعراب.
ونقل المهدوي : أنه قرىء :" تِسْعَةٌ وعَشْرْ "، قال :" فجاء به على الأصل قبل التركيب وعطف " عَشْر " على " تِسْعَة "، وحذف التنوين، لكثرة الاستعمال، وسكون الراء من " عشر " على نية الوقف ".
وقرأ سليمان بن قتة : بضم التاء وهمزة مفتوحة، وسكون العين، وضم الشين وجر الراء من " أعْشُرٍ ".
والضمة على هذا ضمة إعراب، لأنه أضاف الاسم لها بعده فأعربهما إعراب المتضايفين وهي لغة لبعض العرب يفكون تركيب الأعداد، ويعربونها كالمتضايفين ؛ كقوله :[الرجز] ٤٩٦٩ - كُلِّفَ مِنْ عَنائِهِ وشِقْوتِهْ
بِنْتَ ثَمانِي عَشْرةٍ مِنْ حِجَّتِهْ
جزء : ١٩ رقم الصفحة : ٥٠٦
قال أبو : ويجيء على هذه القراءة، وهي قراءة من قرأ :" أعشر " مبنياً، أو معرباً من حيث هو جمع، أن الملائكة الذي هم على " سَقَر " تسعون ملكاً.

فصل في معنى الآية معنى الآية : أنه يلي أمر تلك النار تسعة عشر من الملائكة يلقون فيها أهلها.


قيل : هم خزنة النار، مالك وثمانية عشر ملكاً.
وقيل : التسعة شعر نقيباً، وقال أكثر المفسرين : تسعة شعر ملكاً بأعيانهم.
قال القرطبي : وذكر ابن المبارك عن رجل من بني تميم، قال كنا عند أبي العوام.
٥١٩


الصفحة التالية
Icon