وهما كـ " حَاذِرٍ، وحَذِر " فاعل لمن صدر عنه الفعل، و " فعل " لمن كان فيه غريزة أو كالغريزة.
وقيل : ناخِرَة، ونخِرَة بمعنى : بالية.
يقال : نَخِر العظم - بالكسر - أي بلي وتفتَّت.
وقيل : نَاخِرةٌ، أي : صارت الريح تَنْخَر فيها، أيك تصوت، ونَخِرَةٌ أي : ينخر فيها دائماً.
وقيل : ناخرة، أي : بالية، ونخرة : متآكلة.
وعن أبي عمرو : النَّاخرةك التي لم تنخر بعد، والنَّخرةُ : البالية.
وقيل : النَّاخرةُ : المصوت فيها الريح، والنَّاخرة : البالية التي تعفّنت.
قال الزمخشري :" نَخِرَ العَظْمُ فهو نَخِرٌ ونَاخِرٌ، كقولك : طمع، فهو طَمِعٌ وطَامِع، و " فَعِل " أبلغ من فاعل، وقد قُرئ بهما، وهو البالي الأجوف الذي تمرُّ فيه الريح، فيسمع له نخير ".
ومنه قول الشاعر :[الطويل] ٥٠٩١ - وأخْلَيْتُهَا مِنْ مُخَّهَا فكَأنَّهَا
قَوارِيرَ في أجْوافِهَا الرِّيحُ تَنْخُرُ
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ١٢٧
وقال الرَّاجز لفرسه :[الرجز] ٥٠٩٢ - أقْدِمْ سَجاجِ إنَّها الأسَاوِرَهْ
ولا يَهُولنكَ رُءُوسٌ نَادِرَهْ
فإنَّمَا قَصْرُكَ تُرْبُ السَّاهِرَهْ
ثُمَّ تَعُودُ بَعْدَهَا في الحَافِرَهْ
مِنْ بَعْدِ مَا كُنت عِظَاماً نَاخِرَهْ
ونُخْرةُ الريح - بضم النون - شدة هبوبها، والنُّخْرَةُ أيضاً : مقدم أنف الفرس، والحمار، والخنزير، يقال : هشم نخرته، أي : مقدم أنفه.
و " إذَا " منصوبٌ بمُضْمَرٍ، أي : إذَا كُنَّا كذا نُردُّ ونُبعَثُ.
قوله تعالى :﴿قَالُواْ تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ﴾.
" تلك " مبتدأ بها إلى الرَّجفةِ والردة في الحافرة، و " كَرَّةٌ " خبرها، و " خاسرة "
١٣٢
صفة، أي : ذاتُ خسرانٍ، أو أسند إليها الخسار مجازاً والمراد أصحابُها، والمعنى : إن كان رجوعنا إلى القيامة حقاً، فتلك الرجعة رجعة خاسرة [خائبة]، وهذا أفادته " إذن " فإنها حرف جواب وجزاء عند الجمهور.
وقيل : قد لا تكون جواباً.
وعن الحسن : أن " خاسرة " بمعنى كاذبة، أي : ليست كائنة.
وقال الربيع بن أنس : خاسرةٌ على من كذَّب بها.
وقيل : كَرَّةُ خُسران، والمعنى : أهْلُهَا خاسرون، كقولك : تِجَارةٌ رابحةٌ، أي : يَرْبَحُ صاحبها.
وقال قتادة ومحمد بن كعب أي : لئن رجعنا أحياءً بعد الموت لنحشرن بالنَّار، وإنَّما قالوا هذا لأنَّهُم أوعدُوا بالنار، و " الكَرُّ " : الرجوع، يقال : كرَّهُ، وكَرَّ بنفسه، يتعدى ولا يتعدَّى.
والكَرَّةُ : المرَّةُ، الجمع : الكرَّات.
قوله :﴿فَإِنَّمَا هِيَ﴾ ضمير الكرة، أي : لا تحسبوا تلك الكرَّة صعبة على الله تعالى.
قال الزمخشري :" فإن قلت : بم يتعلق قوله :" فإنما هي " ؟.
قلت : بمحذوف، معناه : لا تستصعبوها فإنما هي زجرة واحدة "، يعني بالتعلُّق من حيث المعنى، وهو العطف.
وقوله :" فإذَا هُمْ " المفاجأة والسبب هنا واضحان.
والزجرة : قال ابن عباس رضي الله عنهما : في النَّفخةِ الواحدة " فإذا هُمْ " أي : الخلائق أجمعون، " بالساهرة " أي : على وجه الأرض من الفلاة، وصفت بما يقع فيها، وهو السهر لأجل الخوف.
وقيل : لأن السراب يجري فيها من قولهم :" عين ساهرة " أي : جارية الماء، وفي ضدها نائمة.
[قال الزمخشري :" والساهرةُ : الأرض البيضاء المستوية، سميت بذلك ؛ لأن
١٣٣
السراب يجري فيها] من قولهم : عين ساهرة : أي : جارية الماء، وفي ضدِّها نائمة ؛ قال الأشعثُ بن قيسٍ :[الطويل] ٥٠٩٣ - وسَاهِرةٍ يُضْحِي السَّرابُ مُجَلِّلاً
لأقْطَارِهَا قدْ جُبْتُهَا مُتلثِّماً
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ١٢٧
أي : ساكنها لا ينام خوف الهلكة انتهى ؛ وقال أميَّةُ :[الوافر] ٥٠٩٤ - وفِيهَا لَحْمُ سَاهِرةٍ وبَحْرٍ
ومَا فَاهُوا به لهُمْ مُقِيمُ
يريد : لحم حيوان أرض ساهرة ؛ وقال أبو كبير الهذليُّ :[الكامل] ٥٠٩٥ - يَرْتدْنَ سَاهِرةً كَأنَّ جَمِيمهَا
وعَمِيمَهَا أسْدافُ ليْلٍ مُظْلِمِ
وقال الراغب : هي وجه الأرض.
وقيل : أرض القيامة، وحقيقتها التي يكثر الوطء بها، كأنَّها سهرت من ذلك.
والأسهران : عرقان في الأنف.
والساهور : غلافُ القمر الذي يدخل فيه عند كسوفه ؛ قال :[البسيط] ٥٠٩٦ -.............................
أوْ شُقَّةٌ خَرجتْ مِنْ بَطْنِ سَاهُورِ
أي : هذه المرأة بمنزلة قطعة القمرِ.
وقال أمية بن أبي الصلت :[الكامل]
٥٠٩٧ - قَمَرٌ وسَاهُورٌ يُسلُّ ويُغْمَدُ
" وروى الضحاك عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال :" السَّاهرة : أرض من فضَّةٍ لم يُعْصَ اللهُ عليها مُنْذُ خَلقهَا ".
وقيل : أرض يجددها الله يوم القيامة.
وقيل : السَّاهرة : اسم الأرض السابعة ياتي الله بها، فيحاسب عليها الخلائقَ، وذلك حين تبدَّلُ اللأرض غير الأرض.
١٣٤