وقال الثَّوري : السَّاهرة : أرضُ " الشَّام ".
وقال وهبُ بن منبه : جبلُ بيتِ المقدسِ.
وقال عثمانُ بنُ أبي العاتكةِ : إنَّه اسم مكان من الأرض بعينه، بـ " الشام "، وهو الصقع الذي بين جبل " أريحَا " وجبل " حسَّان " يمُدُّه الله كيف يشاء.
وقال قتادةُ : هي جهنَّم، أي : فإذا هؤلاءِ الكُفَّار في جهنَّم، وإنَّما قيل لها : ساهرة ؛ لأنَّهُم لا ينامون عليها حينئذ.
وقيل : السَّاهرة بمعنى : الصحراء على شفيرِ جهنَّم، أي : يوقفون بأرض القيامة، فيدوم السهر حينئذ.
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ١٢٧
قوله تعالى :﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى ﴾ أي : قد جاءك وبلغك، وهذه تسليةٌ للنبي ﷺ، أي : أنَّ فرعون كان أقوى من كفار عصرك، ثُمَّ أخذناهن وكذلك هؤلاء.
وقيل :" هَلْ " بمعنى :" ما " أي : ما أتاك، ولكِّي أخبرك به، فإنَّ فيه عِبْرَةً لمن يخشى.
وقال ابنُ الخطيبِ : قوله :" هَلْ أتَاكَ " يحتملُ أن يكون معناه : أليْسَ قَدْ أتَاكَ حديثُ موسى، هذا إن كان قد أتاك ذلك قبل هذا الكلام، أمَّا إن لم يكن قد أتاه، فقد يجوز أن يقال :" هَلْ أتَاكَ " أي : أنا أخبرك وتقدم الكلام على موسى وفرعون فإنَّ فيه عبرة لمن يخشى.
قوله :﴿إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ﴾ منصوب بـ " حديث " لا بـ " أتاك " ؛ لاختلاف وقتيهما، وتقدم الخلاف بين القراء في " طُوَى " في سورة [طه : ١٢].
و " الوادي المقدس " : المُبَاركُ المُطَهَّر.
قال الفراء :" طُوى " واد بين " المدينة " و " مصر "، قال : وهو معدولٌ، من " طاو "، كما عدل " عُمَرُ " من " عامر ".
١٣٥
قال الفراء : مَنْ صرفه قال : هو ذكر، ومن لم يصرفه جعله معدولاً كـ " عمر، وزفر ".
قال :" والصَّرفُ أحبُّ إليَّ إذا لم أجد في المعدول نظيراً " أي : لم أجد له اسماً من الواو والياء عدلَ من " فاعل " إلى " فُعَل " غير طُوَى.
وقيل : طوى " معناه : يا رجل، بالعبْرَانيَّةِ، فكأنَّه قيل : اذهب يا رجل إلى فرعون، [قاله ابن عباس.
وقيل : الطوى : أي : ناداه بعد طويّ من الليل اذهب إلى فرعون] ؛ لأنك تقول : جئتك بعد طويّ، أي بعد ساعة من الليل.
وقيل : معناه " بالوَادِ المُقدَّسِ طُوى " أي بُورِكَ فيهِ مرَّتيْنِ.
قوله :﴿اذْهَبْ﴾ يجوز أن يكون تفسيراً للنداء، ناداه اذهب، ويجوز أن يكون على إضمار القول.
وقيل : هو على حذف، أي : أن اذهب، ويدل له قراءة عبد الله : أن اذهب.
و " أن " هذه الظَّاهرة أو المقدرة، يحتملُ أن تكون تفسيرية، وأن تكون مصدرية، أي : ناداه ربُّه بكذا.
" اذهب إلى فرعون إنه طغى " أي تجاوز القدر في العصيان.
قال ابنُ الخطيب : ولم يُبيِّنُ أنَّه طغَى في أيِّ شيءٍ.
فقيل : تكبَّر على الله تعالى، وكفر به.
وقيل : تكبَّر على الخلقِ واسْتعبَدهُمْ.
روي عن الحسن قال : كان فرعون علجاً من " همدان ".
وقال مجاهد : كان من أهل " إصطخر " وعن الحسن - أيضاً - كان من أهل " أصبهان "، يقال له : ذو ظفر، طوله أربعة أشبارٍ.
قوله :﴿هَل لَّكَ﴾ خبر مبتدأ مضمر.
و ﴿إِلَى أَن تَزَكَّى ﴾ متعلِّق بذلك المبتدأ، وهو حذفٌ سائغٌ، والتقدير : هل لك سبيل إلى التزكية، ومثله : هل لك في الخير، تريد : هل لك رغبة في الخير ؛ قال :[الطويل]
١٣٦
٥٠٩٨ - فَهَلْ لَكمُ فِيهَا إليَّ فإنَّنِي
بَصِيرٌ بِمَا أعْيَا النِّطاسِيَّ حِذْيَمَا
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ١٣٥