سورة الانفطار
مكية، وهي تسع عشرة آية، وكلمانها ثمانون كلمة، وثلاثمائة وسبعة وعشرون حرفا.
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ١٩٣
قوله تعالى :﴿إِذَا السَّمَآءُ انفَطَرَتْ﴾، معناه : إذا وقعت هذه الأشياء التي هي أشراط الساعة يحصل الحشر والنشر، ومعنى " انْفطَرتْ " : انشقت لنزول الملائكة، كقوله تعالى :﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَآءُ بِالْغَمَامِ﴾ [الفرقان : ٢٥]، ﴿فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَآءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ﴾ [الرحمن : ٣٧] ﴿وَفُتِحَتِ السَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً﴾ [النبأ : ١٩]، ﴿السَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ﴾ [المزمل : ١٨].
قال الخليل : ولم يأت هذا على الفعل بل هو كقولهم : مُرْضِع، وحَائض، ولو كان على الفعل لكان " منفطر ".
وقال القرطبيُّ :" تفطرت لهيبة الله تعالى : والفطرُ : الشق، يقال : فطرته فانفطر، ومنه : فطر ناب البعير إذا طلع، فهو بعير فاطر، وتفطَّر الشيء.
تشقَّق، وسيف فطار، أي فيه شقوق ".
وقد تقدم.
قوله تعالى :﴿وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ﴾ تساقطت ؛ لأن عند انتقاض تركيب السماء تنتشر النجوم على الأرض، يقال : نثرتُ الشيء أنثرهُ نثراً فانتثر.
والنُّثار - بالضم - ما تناثر من الشيء.
قوله تعالى :﴿وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ﴾.
العامة على بنائه للمفعول مثقلاً.
وقرأ مجاهد : مبنياً للفاعل مخففاً من الفجور، نظراً إلى قوله تعالى :﴿بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لاَّ يَبْغِيَانِ﴾ [الرحمن : ٢٠]، فلما زال البرزخ بغياً.
١٩٤
وقرأ مجاهد - أيضاً - والربيع بن خيثم، والزعفراني، والثوري : مبنياً مخففاً.
ومعنى " فُجِّرت " أي : دخل بعضها في بعض، واختلط العذبُ بالملحِ، فصار واحداً بارتفاع الحاجز الذي جعله الله تعالى برزخاً بينهما.
وقيل : إنَّ مياه البحار الآن راكدة مجتمعة، فإذا انفجرت تفرقت، وذهب ماؤها.
وقال الحسن : فجرت : يبست.
قوله تعالى :﴿وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ﴾.
أي : قلبت : يقال : بَعْثَره وبَحْثَره - بالعين والحاء - قال الزمخشري : وهما مركبان من العبث والبحث، مضموم إليهما راء، يعني أنهما مما اتفق معناهما ؛ لأن الراء مزيدة فيهما، إذ ليست من حروف الزيادة وهذا كـ " دَمَثَ " و " دَمْثَرَ " و " بَسَطَ " و " بَسْطَرَ ".
فصل في المراد ببعثرة القبور والمعنى : قلب أعلاها وأسفلها، وقلب ظاهرها وباطنهان وخرج ما فيها من الموتى أحياء.
وقيل : التبعثر : إخراج ما في باطنها من الذهب والفضة ثم يخرج الموتى بعد ذلك.
وقوله تعالى :﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ﴾ : جواب " إذا "، والمعنى : ما قدمت من عمل صالح، أو شيء، أو أخرت من سيئة أو حسنة.
وقيل : ما قدمت من الصدقات وأخرت من التركات على ما تقدم في قوله تعالى :﴿يُنَبَّأُ الإِنسَانُ يَوْمَئِذِ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾ [القيامة : ١٣].
والمقصود منه الزجر عن المعصية، والترغيب في الطاعة.
فإن قيل : أيُّ وقت من القيامة يحصل هذا العلم ؟.
قال ابنُ الخطيب : أمَّا العلم الإجمالي، فيحصل في أول زمان الحشر ؛ لأن المطيع يرى آثار السعادة في أول الأمر والعاصي يرى آثار الشقاوة في أول الأمر، وأمَّا العلم التفصيلي، فإنما يحصل عند قراءة الكتب، والمحاسبة.
جزء : ٢٠ رقم الصفحة : ١٩٤
قوله تعالى :﴿ يا أيها الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ﴾ أي : المتجاوز.
والعامة : على " غرَّك " ثلاثياً، و " ما " الاستفهامية : في محل رفع على الابتداء.
١٩٥


الصفحة التالية
Icon